فالجواب أنها
مركبة ، والذي علّقته عن أبي عليّ عن أصحابنا ، أن أصلها كأيّ ، كقوله عز اسمه : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ) ثم إن العرب تصرّفت في هذه اللفظة ، لكثرة استعمالها
إياها ، فقدّمت الياء المشددة ، وأخرت الهمزة ، كما فعلت ذلك في عدة مواضع ، نحو
قسيّ وأشياء في قول الخليل ، وشاك ولاث ونحوهما في قول الجماعة ، وجاء وبابه في
قول الخليل أيضا ، وغير ذلك ، فصار التقدير فيما بعد : كيّأ ، ثم إنهم حذفوا الياء
الثانية تخفيفا ، كما حذفوها في نحو : ميّت وهيّن وليّن ، فقالوا : ميت ، وهين ،
ولين ، فصار التقدير كيء ، ثم إنهم قلبوا الياء ألفا ، لانفتاح ما قبلها ، كما
قلبوها في طائيّ وحاريّ وآية في قول غير الخليل ، فصارت كاء.
وأخبرنا أبو
علي : قال : قرأت على أبي بكر في بعض كتب أبي زيد : سمعت أبا عمرو الهذلي يقول في
تصغير دابة : دوابّة. قال أبو علي : أراد دويبّة ، فقلبت الياء ألفا. فهذا أيضا
كما قلنا في كاء. وفيها لغات أخرى غير هذه.
يقال : كأيّ
وكاء ، وكأي بوزن كعين ، وكأ بوزن كعن. حكى ذلك أحمد بن يحيى ، فمن قال كأيّ فهي «أيّ»
دخلت عليها الكاف ، ومن قال كاء فقد شرحنا أمره ، ومن قال كأي بوزن كعين ، فأشبه
ما فيه أنه لما أصاره التعبير على ما ذكرنا إلى كيء ، قدم الهمزة ، وأخر الياء ،
ولم يقلب الياء ألفا ، وحسّن له ذلك ضعف هذه الكلمة ، وما اعتورها من الحذف والتغيير.
ومن قال : «كأ»
بوزن كعن» ، فإنه حذف الياء من كيئ تخفيفا أيضا.
فإن قلت : إنّ
في هذا إجحافا بالكلمة ، لأنه حذف بعد حذف. قلت : ليس ذاك بأكثر من مصيرهم من أيمن
الله إلى م الله وم الله. وإذا كثر استعمال الحرف حسن فيه ما لا يحسن في غيره : من
التغيير والحذف. فاعرف ذلك إن شاء الله.
فهذه حال الكاف
الجارة في مواقعها ، وانقسامها ، وتشعبّها.
وأما الكاف غير
الجارة فهي على ضربين :
أحدهما اسم ،
والآخر : حرف.
__________________