وغيره. وأنت إذا قلت : ما أنت زيدا ، فله معنى غير معنى : ما أنت كزيد ، لأنك إذا قلت : ما أنت زيدا ، فإنما نفيت أن يكون هو هو ، وإذا قلت : ما أنت كزيد فإنما نفيت أن يكون مشبها له ، ألا ترى أن من قال : أنا زيد ، فمعناه غير معنى من قال : أنا كزيد ، فكما كان الإيجابان مختلفين ، كذلك يكون النّفيان مختلفين. وهذا واضح.
فقول سيبويه : «فإن أردت أن تقول ولا بمنزلة من يشبهه جررت» يؤكّد عندك أيضا زيادة الكاف في قوله عز اسمه : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١] ، لأنه نفى أن يكون كمثله شيء ، والكاف غير زائدة ، فقد أثبتّ له مثلا ، كما أثبت سيبويه في مسألته إذا جررت ، أنّ لزيد من يشبهه.
وقال أبو الحسن (١) في قوله : ما أنت كزيد ولا شبيها به : إذا جررت الشبيه فقد أثبتّ لزيد شبيها ، وإذا نصبت لم تثبت له شبيها. وهذا هو تلخيص قول سيبويه ، لم يزد فيه شيئا. وهذا الكلام فيهما على أن الكاف في كزيد غير زائدة ، وليست كالذي في بيت رؤبة : «لواحق الأقراب فيها كالمقق».
وأجاز لنا أبو عليّ (٢) فيها الجرّ ، وألا يكون مع الجرّ له شبيه. قال : وذلك على اعتقاد زيادة الكاف ، فكأنه قال : ما أنت زيدا ولا شبيها به ، ثم زاد الكاف ، فقال : ما أنت كزيد ولا شبيه به ، فلما جرّ زيدا بالكاف مع اعتقاده زيادتها ، عطف الشبيه على زيد ، وهذا الذي ذهب إليه أبو عليّ وجه صحيح ، وهو رأي أبي الحسن ، ونظيره «ليس كمثله شيء» ، و «فيها كالمقق».
__________________
ـ ويقصد الشاعر معاوية بن أبي سفيان بن حرب ، وأمه : هند بنت عتبة ، ملك المسلمين بعد قتال دار بينه وبين علي كرم الله وجهه ، ويطلب الشاعر من معاوية أن يترفق بهم فهم ليسوا جبالا ولا حديدا حتى يتحملوا. الشاهد في قوله (بالجبال) حيث إن الياء حرف جر زائد يدخل على الاسم فيعمل فيه الجر. إعراب الشاهد : الجبال : اسم مجرور لفظا منصوب محلا باعتباره خبر ليس ، ورويت الحديد بالنصب على التبعية للجبال ، ورويت بالكسر بالتبعية على الظاهر.
(١) أبو الحسن : هو أبو الحسن الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة المجاشعي.
(٢) أبو علي : هو أبو الحسن أحمد بن عبد الغفار الفارسي أستاذ ابن جني.