فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ) (١)
وجملة (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) إشارة إلى أنّه بعد النشور والقيامة يعود الجميع إلى محكمة الله ، والأسمى من ذلك أن المؤمنين يمضون في تكاملهم نحو ذات الله المقدسة إلى ما لا نهاية ..
والآية الأخرى تجسد حالة المجرمين يوم القيامة (يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ).
«يبلس» مأخوذ من مادة «إبلاس» وتعني في الأصل الغم والحزن المترتبان على أثر شدة اليأس والقنوط.
وبديهي أنّه إذا يئس الإنسان من شيء غير ضروري ، فهذا اليأس غير مهم ، لكن الحزن والغم يكشف في هذه الموارد عن أمور ضرورية مأيوس منها ، لذلك يرى بعض المفسّرين أنّ «الضرورة» جزء من «الإبلاس» وإنّما سمّي «إبليس» بهذا الاسم ، فلأنّه أبلس من رحمة الله واستولى عليه الهم.
وعلى كل حال فيحق للمجرمين أى ييأسوا ويبلسوا في ذلك اليوم ، إذ ليس لديهم إيمان وعمل صالح فيشفع لهم في عرصات المحشر ، ولا صديق حميم ، ولا مجال للرجوع إلى الدنيا وتدارك ما مضى!.
لذلك يضيف القرآن في الآية التالية قائلا : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ).
فتلك الأصنام والمعبودات المصنوعة التي كانوا يتذرعون بها عند ما يسألون : من تعبدون؟ فيقولون : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) (٢) ، سيتّضح لهم جيدا حينئذ أنّه لا قيمة لها ولا تنفعهم أبدا .. فلذلك يكفرون بهذا المعبودات من دون الله
__________________
(١) سورة يس ، ٧٩ ـ ٨١.
(٢) سورة يونس ، الآية ١٨.