لا يبعد أن يكون مفهوم الآية واسعا وشاملا لجميع هذه العلوم «بالطبع بصرف النظر عن أن علم الكيمياء علم يستطاع بواسطته قلب النحاس وأمثاله ذهبا ، وهل هو خرافة أم حقيقة واقعية»؟
وهنا يجيب القرآن على قول قارون وأمثاله من المتكبرين الضالين ، فيقول : (أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً).
أتقول : (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي) ونسيت من كان أكثر منك علما وأشدّ قوّة وأثرى مالا ، فهل استطاعوا أن يفروا من قبضة العذاب الإلهي؟!
لقد عبّر أولو الألباب والضمائر الحيّة عن المال بقولهم لقارون : (فِيما آتاكَ اللهُ) ، ولكن هذا الغافل غير المؤدّب ردّ على قولهم بأنّ ما عنده من مال فهو بواسطة علمه!!
لكن الله سبحانه عبّر عن حقارة قوّته وقدرته أمام إرادته ومشيئته جلّ وعلا بالعبارة المتقدمة آنفا.
وفي ختام الآية إنذار ذو معنى كبير آخر لقارون ، جاء في غاية الإيجاز : (وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ).
فلا مجال للسؤال والجواب ، فالعذاب واقع ـ لا محالة ـ بصورة قطعيّة ومؤلمة ، وهو عذاب فجائي مدمّر!.
وبعبارة أخرى أن العلماء من بني إسرائيل نصحوا قارون هذا اليوم وكان لديه مجال والجواب ، لكن بعد إتمام الحجة ونزول العذاب الإلهي ، عندئذ لا مجال للتفكير والجواب ، فإذا حلّ العذاب الالهي بساحته فهو الهلاك الحتمي.
هنا يرد سؤال حول الآية التي تقول : (وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) أي سؤال هذا الذي نفاه الله أهو في الدنيا أم في الآخرة؟!
قال بعض المفسّرين : إنّ المقصود بعدم السؤال هو في الدنيا ، وقال بعضهم :