ولذلك فقد كان من دعاء المعصومين : (اللهم أرنى الأشياء كما هي) أي لأعرف قيمها وأؤدي حقّها.
وهذه الحالة لا تتحقق بغير الإيمان! لأنّ الهوى والهوس والانحرافات أو الرغبات النفسية ، تكون حجابا وسدا كبيرا في هذا الطريق ، ولا يمكن رفع هذا الحجاب أو السد إلّا بالتقوى وضبط هوى النفس!.
لذلك فقد قرأنا في الآيات آنفة الذكر : (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ).
والمثل الواضح والجلي لهذا المعنى نراه في حياة كثير من عبدة الدنيا في زماننا بشكل بيّن. فهم يفتخرون ببعض المسائل ويرونها حضارة ، إلّا أنّها في الواقع ليست إلّا الفضيحة والعار والذل.
فالتفسخ والحماقة عندهم دليل «الحرية».
والتعري والسفور من قبل النساء دليل «التمدن».
التكالب على بهارج الدنيا وزخارفها دليل على «الشخصيّة».
الغرق في ألوان الفساد دليل «التحرر».
القتل والإجرام دليل على «القوّة».
التخريب وغصب رؤوس الأموال دليل على الاستعمار ، أي البناء والعمران (١)!! استخدام اجهزة الاعلام العامة كالراديو والتلفزيون لتوكيد المفاهيم!!
سحق حقوق المحرومين دليل على احترام حقوق البشر.
الأسر في قبضة المخدرات والفضائح وما إلى ذلك من أشكال الحرية!.
والتزوير والغش واقتناء الأموال من أي طريق كان وكيف كان ، دليل على
__________________
(١) المفهوم اللغوي للاستعمار مفهوم جميل ، يعني الإعمار كما جاء في القرآن (وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها) إلّا أن المفهوم السياسي للاستعمار هو التسلط من قبل الأجنبي واستثماره لخيرات الشعوب (المصحح).