يريد أني لم أعطها عقلا ولا قودا بزوجها إلا الهم الذي يدعوها الى عدّ الحصى ، وأصل العقل أخذ الدية ، وعدد الحصى مفعول عقلت وأصله من قول امرئ القيس :
ظللت ردائي فوق رأسي قاعدا |
|
أعد الحصى ما تنقضي عبراتي |
يريد أنه لما غشي ديار الحي فلم يجد أحدا وضع رداءه فوق رأسه وجلس مفكرا يعد الحصى ودموعه لا ترقأ ، ومن مليح الرمز قول أبي نواس يصف كئوسا ممزوجة فيها صور منقوشة وقد تقدم ذكر هذه الأبيات ومنها هنا :
قرارتها كسرى وفي جنباتها |
|
مها تدّريها بالقسيّ الفوارس |
فللخمر ما زرّت عليه جيوبها |
|
وللماء ما دارت عليه القلانس |
يقول : ان حدّ الخمر من صور هذه الفوارس التي في الكئوس الى التراقي والنحور وزيد الماء فيها مزاجا فانتهى الشراب الى فوق رءوسها ، ويجوز أن يكون انتهاء الحباب الى ذلك الموضع لما مزجت فأزبدت ، والأول أملح ، وفائدته معرفة حدها صرفا من معرفة حدها ممزوجة وهذا عندهم مما سبق اليه أبو نواس.