٢ ـ المشاكلة :
في قوله «ومكروا مكرا ومكرنا مكرا» فن المشاكلة وهي ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته لأن الله تقدس عن أن يستعمل في حقه المكر ، إلا أنه استعمل هنا مشاكلة وهو كثير في القرآن ومنه «تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك» والله تعالى وتقدس لا تستعمل في حقه لفظة النفس ، أما مكرهم فهو ما بيتوه لصالح وما انتووه من إهلاكه وأهله ، وأما مكر الله فهو إهلاكهم من حيث لا يشعرون على سبيل الاستعارة المنضمة الى المشاكلة ، فقد شبه الإهلاك بالمكر في كونه إضرارا في الخفاء لأن حقيقة المكر هو الإيقاع بالآخرين قصدا وعن طريق الغدر والحيلة ، وقد تقدمت قصة إهلاكهم في الشعب.
الفوائد :
١ ـ تمييز العدد :
مميز الثلاثة والعشرة وما بينهما إن كان اسم جنس وهو ما يفرق بينه وبين مفرده بالتاء كشجر وتمر ، أو اسم جمع وهو ما دل على الجمع وليس له مفرد من لفظه كقوم ورهط جرّ بمن ، تقول ثلاثة من التمر أكلتها وعشرة من القوم لقيتهم وتسعة من الرهط صحبتهم ، قال تعالى :«فخذ أربعة من الطير» وقد يجر بإضافة العدد إليه فاسم الجمع نحو الآية المتقدمة «وكان في المدينة تسعة رهط» وفي الحديث : «ليس فيما دون خمس ذود صدقة» وقال الشاعر :
ثلاثة أنفس وثلاث ذود |
|
لقد جار الزمان على عيالي |