لا ناهية وتركضوا فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعل وجملة لا تركضوا مقول قول محذوف والقائل اختلف فيه فقيل هم الملائكة وقيل هم من كان هناك من المؤمنين وهذا القول على سبيل الاستهزاء بهم طبعا ، وارجعوا فعل أمر معطوف على لا تركضوا والى ما متعلقان بارجعوا وجملة أترفتم صلة وفيه متعلقان بأترفتم ومساكنكم بالجر عطف على ما ، ولعلكم تسألون لعل واسمها وخبرها والترجي هنا استهزاء بهم وتهكم بما كانوا يظنونه بأنفسهم من أنهم مظنة السخاء ومطلع الكرم والمعنى ارجعوا الى نعيمكم ومساكنكم لعلكم تسألون شيئا من دنياكم حسبما تتصورون أنفسكم من أنكم أهل النوال والعطاء حيث يسألكم الناس في العوادي والنوازل ويندبونكم للملمات ويستشيرونكم في المعضلات وسيأتي المزيد عن هذا البحث الشيق في باب البلاغة.
البلاغة :
١ ـ المجاز المرسل في قوله «قرية» إذ المراد أهلها وقد تقدم مثال ذلك كثيرا.
٢ ـ التهكم بقوله «وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ» وقد ألمعنا الى المراد من هذا التهكم ونزيد عليه هنا احتمالين هامين مترتبين على هذا التهكم :
آ ـ انهم كانوا أسخياء حقيقة يجودون بالنوال ويبسطون أيديهم بالعطايا ولكنهم كانوا يفعلون ذلك رئاء الناس واكتسابا للشهرة والثناء وفي ذلك من الإيلام والايجاع ما فيه ، إذ يرون أن ما أنفقوه وما بذلوه لم يكن إلا زيادة في برحائهم وإمعانا في عذابهم :