٢ ـ عودة الى بيت الفرزدق :
ونعود الى بيت الفرزدق وهو من أبيات له يعتذر عما وقع منه في السفر مع دليله عاصم العنبري حين ضل عن الطريق والأبيات هي :
فلما تصافنا الأداوة أجهشت |
|
الى غضون العنبري الجراضم |
فجاء بجلمود له مثل رأسه |
|
ليشرب ماء القوم بين الصرائم |
على حالة لو أن في القوم حاتما |
|
على جوده لضنّ بالماء حاتم |
والتصافن اقتسام الماء القليل بالصفن وهو وعاء صغير لنحو الوضوء والأداوة ظرف الماء وجمعها أداوى وإيقاع التصافن عليها مجاز لأنها محل الماء والمراد تقاسمنا الماء فهو مجاز مرسل علاقته المحلية والجهش والإجهاش تضرع الإنسان الى غيره وتهيئته للبكاء اليه كالصبي الى أمه ، وغضون الجلد مكاسره ، وإسناد الإجهاش إليها مجاز عقلي أو مجاز مرسل علاقته المحلية أيضا لأنها محل ظهور أثره والجراضم واسع البطن كثير الأكل والمراد بالجلمود إناء صلب كبير مثل رأسه أي رأس العنبري وفيه إشارة بارعة إلى حمقه لأن افراط الرأس في العظم أمارة البلادة وفي الصلابة أيضا اشارة الى ذلك وقوله بين الصرائم جمع صريمة وهي منقطع الرمل إشارة الى أنهم كانوا في مفازة عمياء لا ماء بها على حالة ضنكة بحيث لو ثبت في تلك الحالة أن حاتما في القوم مع جوده المشهور لبخل بالماء وعلى بمعنى في ورواية المبرد في كامله على ساعة.