كان هذا الكلام غير فصيح لضعف تأليفه ، إذ أصله «ما قرأ محمد مع أخيه إلا
كتابا واحدا» ، فقدّمت الصفة على الموصوف ، وفصل بين المتلازمين ، وهما أداة
الاستثناء والمستثنى ، والمضاف والمضاف إليه. ويشبه ذلك قول أبى الطّيب المتنبى :
أنّى يكون
أبا البريّة آدم
|
|
وأبوك
والثّقلان أنت محمّد؟
|
والوضع الصحيح
أن يقول : كيف يكون آدم أبا البرية ، وأبوك محمد ، وأنت الثقلان؟ يعنى أنه قد جمع
ما فى الخليقة من الفضل والكمال ، فقد فصل بين المبتدأ والخبر وهما «أبوك محمد» ،
وقدّم الخبر على المبتدأ تقديما قد يدعو إلى اللبس فى قوله «والثقلان أنت» ، على
أنه بعد التعسف لم يسلم كلامه من سخف وهذر.
(٤) ويجب أن
يسلم التركيب من التعقيد المعنوى ، وهو أن يعمد المتكلم إلى التعبير عن معنى
فيستعمل فيه كلمات فى غير معانيها الحقيقية ، فيسىء اختيار الكلمات للمعنى الذى
يريده ، فيضطرب التعبير ويلتبس الأمر على السامع. مثال ذلك أن كلمة اللسان تطلق
أحيانا ويراد بها اللغة ، قال تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ
رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) أى ناطقا بلغة قومه ، وهذا استعمال صحيح فصيح ، فإذا
استعمل إنسان هذه الكلمة فى الجاسوس ، وقال : «بثّ الحاكم ألسنته فى المدينة» كان
مخطئا ، وكان فى كلامه تعقيد معنوى ، ومن ذلك قول امرىء القيس فى وصف فرس :
وأركب فى
الرّوع خيفانة
|
|
كسا وجهها
سعف منتشر
|
__________________