عليه الفاء الفصيحة ، أي : فادعوهم ، وصادقين خبر كنتم (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها) كلام مستأنف بمثابة التوبيخ لهم على عقولهم القاصرة.
والهمزة للاستفهام الإنكاري مع النفي ، ولهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم ، وأرجل مبتدأ مؤخر وجملة يمشون بها صفة (أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها) أم عاطفة بمعنى بل ، والجملة معطوفة على سابقتها ، وكذلك قوله : (أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها؟ أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها) أي : ليس لهم شيء من ذلك البتة مما هو لكم ، فكيف تعبونهم؟ وأنتم أتمّ منهم وأكمل حالا (قُلِ : ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ) جملة ادعوا شركاءكم مقول القول ، وثم حرف عطف وتراخ ، وكيدون عطف على ادعوا ، والفاء عاطفة ولا ناهية ، تنظرون فعل مضارع مجزوم بلا الناهية ، وعلامة جزمه حذف النون ، والنون للوقاية ، وياء المتكلم محذوفة ، وقد تقدم القول في جواز حذفها في البقرة.
البلاغة :
في قوله : «ألهم أرجل يمشون» بها الى قوله : «فلا تنظرون» فنّ بديعي معروف باسم نفي الشيء بإيجابه ، وهو أن يثبت المتكلم شيئا في ظاهر كلامه بشرط أن يكون المثبت مستعارا ، ثم ينفي ما هو من سببه مجازا ، والمنفي حقيقة في باطن الكلام ، وهو الذي أثبته لا الذي نفاه ، وفي الآيات المتقدمة يقتضي نفي الإلهية جملة عمن يبصر ويسمع من الآلهة المتخذة من دون الله تعالى ، فكيف من لا يسمع ولا يبصر منها. وقد تقدمت له أمثلة ، وسيأتي المزيد منه.
الفوائد :
لم ير أشهر المفسرين إشكالا في إطلاق لفظ «عباد» على