(وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) الواو استئنافية ، ولو شرطية ، وكان واسمها ، وجملة أعلم خبرها ، والغيب مفعول به ، ولا ستكثرت اللام واقعة في جواب لو ، واستكثرت فعل وفاعل ، ومن الخير جار ومجرور متعلقان باستكثرت ، والجملة لا محل لها (وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ) الواو عاطفة ، وجملة ما مسني السوء عطف على استكثرت ، وما نافية (إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) إن نافية ، وأنا مبتدأ ، وإلا أداة حصر ، ونذير خبر ، وبشير عطف على نذير ، ولقوم جار ومجرور متعلقان بنذير وبشير ، وجملة يؤمنون صفة لقوم.
البلاغة :
في قوله تعالى : «يسألونك كأنك حفيّ عنها» نوع من التكرير لم يدونه علماء البلاغة في معرض حديثهم عن التكرير ، وهو أن الكلام إذا بني على مقصد ما ، واعترض في أثنائه عارض ، فأريد الرجوع لتتميم المقصد الأول ، وقد بعد عهده ، طرّي بذكر المقصد الأول ، لتتصل نهايته ببدايته ، وقد تقدمت اليه الإشارة ، وهذا منها. فإنه لما ابتدأ الكلام بقوله : «يسألونك عن الساعة أيان مرساها» ثم اعترض ذكر الجواب المضمن في قوله : «قل إنما علمها عند ربي» الى قوله «بغتة» أريد تتميم سؤالهم عنها بوجه من الإنكار عليهم ، وهو المضمن في قوله : «كأنك حفيّ عنها» وهو شديد التعلق بالسؤال ، وقد بعد عهده ، فطرّي ذكره تطرية عامة ، ولا نراه أبدا يطرّي إلا بنوع من الإجمال ، كالتذكرة للأول مستغني عن تفصيله بما تقدم ، فمن ثم قيل : «يسألونك» ولم يذكر المسئول عنه ـ وهو الساعة ـ اكتفاء بما تقدم. فلما كرر السؤال لهذه الفائدة كرر الجواب أيضا مجملا فقال : «قل إنما علمها عند الله».