الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، ولو شاء الله رفع بلعام بن باعوراء المقصود بهذه الآية ، فقد بعثه الله الى ملك مدين ليدعوه الى الإيمان ، فأعطاه وأقطعه ، فاتبع دينه وترك دين موسى ، ففيه نزلت هذه الآية وما بعدها.
هذا ولا يكون المقصود ، بالمدح أو الذم إلا من جنس المرتفع بنعم وبئس ، فإن وجد كلام ظاهره مخالف لهذا الحكم فليعلم أن هناك محذوفا يذكره يرجع الكلام الى هذا الأصل المقرر ، فمن قوله سبحانه : «ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا» والقوم ليسوا من جنس المثل ، فالتقدير : ساء مثلا مثل القوم ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، وعلى هذا يقاس.
٢ ـ التشبيه التّمثيليّ :
في قوله : «واتل عليهم نبأ الذي آتيناه» الى آخر الآية ، فقد شبه حال من أعطي شيئا فلم يقبله بالكلب الذي إن حملت عليه نبح وولى ذاهبا ، وإن تركته شدّ عليك ونبح ، فإن الكلب يعطي الجد والجهد من نفسه في كل حالة من الحالات ، وشبه رفضه وقذفه لها ورده لها بعد الحرص عليها ، وفرط الرغبة فيها ، بالكلب ، إذا رجع ينبح بعد اطرادك له وواجب أن يكون رفض الأشياء الخطيرة النفيسة في خدن طلبها والحرص عليها ، والكلب إذا أتعب نفسه في شدة النباح مقبلا عليك ومدبرا عنك لهث واعتراه ما يعتريه عند التعب والعطش.
الفوائد :
الجملة الشرطية في محل نصب على الحال ، أي : لاهثا في الحالتين ،