إنّ الذات المقدّسة يستحيل رؤيتها بهذه العين لا في الدّنيا ولا في الآخرة ، والأدلّة العقليّة على هذه المسألة واضحة إلى درجة أنّه لا حاجة لشرحها وبيانها ، ولكن مع ذلك فإنّ طائفة من علماء أهل السّنة ومع الأسف يستندون على بعض الأحاديث الضعيفة وعدد من الآيات المتشابهة على إمكان رؤية الله تعالى يوم القيامة بهذه العين الماديّة ، وإنّه سيكون له قالب جسماني ولون ومكان ، وبعضهم يرى أنّ الآية مورد البحث ناظرة إلى هذا المعنى،فلعلّهم لم يلتفتوا إلى مدى المفاسد والمشكلات المترتّبة على هذا القول.
وطبعا لا شكّ في إمكانيّة رؤية الله تعالى بعين القلب ، سواء في هذه الدنيا أو في عالم آخر ، ومن المسلّم أنّ ذاته المقدّسة في يوم القيامة لها ظهور أقوى وأشد من ظهورها في هذا العالم ممّا يستدعي أن تكون المشاهدة أقوى ، وفي الحديث الشريف عن الإمام الصادقعليهالسلام في جواب من سأله : هل يمكن مشاهدة الله يوم القيامة؟ فقال : «... إنّ الأبصار لا تدرك إلّا ما له لون وكيفيّة والله تعالى خالق الألوان والكيفيّة»(١).
وقد أوردنا أبحاثا في عدم إمكانيّة رؤية الله تعالى في الدنيا والآخرة في ذيل الآيات المربوطة ، منها في ذيل آية (١٠٣) من سورة الأنعام (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) وذكرنا بحثا آخر أكثر تفصيلا في المجلّد الرابع من (نفحات القرآن) فراجع.
* * *
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ١ ، ص ٧٥٣.