ابن الله ، أو النصارى الذين قالوا إن «المسيح» ابن الله ، وأضفوا عليه طابعا من الربوبية ، فالآية تردّ هؤلاء جميعا وتقول إنّه لا يليق بالأنبياء أن يدعو الناس إلى عبادة غير الله.
وفي الختام تقول الآية (أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ). أيمكن أن يدعوكم النبيّ إلى الكفر بعد أن اخترتم الإسلام دينا؟
واضح أنّ «الإسلام» هنا يقصد به معناه الأوسع ، كما هي الحال في مواضع كثيرة من القرآن ، وهو التسليم لأمر الله والإيمان والتوحيد. أي كيف يمكن لنبيّ أن يدعو الناس أوّلا إلى الإيمان والتوحيد ، ثمّ يدلّهم على طريق الشرك؟ أو كيف يمكن لنبيّ أن يهدم ما بناه الأنبياء في دعوتهم الناس إلى الإسلام. فيدعوهم إلى الكفر والشرك؟
تنوّه الآية ضمنيّا بعصمة الأنبياء وعدم انحرافهم عن مسير إطاعة الله (١).
* * *
ملاحظة
منع عبادة البشر :
تدين هذه الآيات بصراحة كلّ عبادة ، وخاصّة عبادة البشر ، سوى عبادة الله، وتربّي في الإنسان روح الحرّية واستقلال الشخصية ، تلك الروح التي لا يكون بدونها جديرا بحمل اسم إنسان.
نعرف من خلال التاريخ العديد من الأشخاص الذين كانوا ، قبل الوصول إلى السلطة، يتميّزون بالبراءة ويدعون الناس إلى الحقّ والعدالة والحرّية والإيمان.
__________________
(١) في القراءة المعروفة التي اعتمدتها طبعة القرآن السائده ، تأتي «ولا يأمركم» في حالة نصب ـ بفتح الراء ـ وهي معطوفة على «أي يؤتيه الله» في الآية السابقة. و «لا» توكيد لـ «ما» النافية في الآية السابقة. وعليه تكون الآية بهذا المعنى : وما كان لبشر أن يأمركم أن تتّخذوا الملائكة والنبيّين أربابا.