وقد نقل عن الإمام الباقر عليهالسلام أنه قال : «الإصرار : أن يذنب الذنب فلا يستغفر الله ، ولا يحدث نفسه بتوبة ، فذلك الإصرار» (١).
وفي أمالي الصدوق بإسناده إلى الإمام الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام قال : «لما نزلت هذه الآية (إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) صعد إبليس جبلا بمكة يقال له ثور ، فصرخ بأعلى صوته بعفاريته ، فاجتمعوا إليه فقالوا يا سيدنا لم دعوتنا؟
قال : نزلت هذه الآية فمن لها؟ فقام عفريت من الشياطين.
فقال : أنا لها بكذا وكذا.
قال : لست لها فقام آخر فقال مثل ذلك.
فقال : لست لها.
فقال : الوساوس الخناس أنا لها.
قال : بماذا؟ قال : أعدهم وامنيهم حتّى يواقعوا الخطيئة فإذا واقعوا الخطيئة أنسيتهم الاستغفار.
فقال : أنت لها ، فوكله بها إلى يوم القيامة» (٢).
ومن الواضح أن النسيان ناشئ من التساهل ، والوساوس الشيطانية ، وإنما يبتلى بها من سلم نفسه لها ، وخضع لتأثيرها ، وتعاون مع الوسواس الخناس واستجاب له.
ولكن اليقظين المؤمنين تجدهم في أعلى درجة من مراقبة النفس ، فكلّما صدرت منهم خطيئة أو بدر ذنب ، بادروا ـ في أقرب فرصة ـ إلى غسل ما ران على قلوبهم ونفوسهم من درن المعصية ، وأغلقوا منافذ أفئدتهم على جنود الشيطان الذين لا يستطيعون النفوذ إلى القلوب من الأبواب المؤصدة.
__________________
(١ ، ٢) ـ تفسير العياشي في ذيل الآية.