فلا تقطعوا عليه مسألته حتّى يفرغ منها ، ثمّ ردّوا عليه بوقار ولين إمّا ببذل يسير أو ردّ جميل، فإنّه قد يأتيكم من ليس بإنس ولا جان ينظرونكم كيف صنيعكم فيما خوّلكم الله تعالى»(١).
في هذا الحديث يبيّن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جانبا من آداب الإنفاق.
٢ ـ إن العبارات القصيرة التي تأتي في ختام الآيات عادة وتورد بعض صفات الله تعالى ترتبط حتما بمضمون الآية نفسها. وعلى هذا فمن الممكن أن يكون المقصود من (وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ) هو : أنّ الإنسان ظالم بالطبع ، ولذلك فإنّه إذا نال منصبا وحصل ثروة حسب نفسه غنيا ولم يعد بحاجة إلى الآخرين ، وقد تحدو به هذه الحالة إلى استعمال الخشونة والتهجّم ضدّ المحرومين والمحتاجين. لذلك يقول القرآن إنّ الغنيّ بذاته هو الله ، فالله هو وحده الغنيّ الذي لا يحتاج شيئا ، أمّا إحساس البشر بأنّه غنيّ فسراب خادع لا ينبغي أن يؤدي إلى الطغيان والتعالي على الفقراء. ثمّ إنّ الله حليم بالنسبة للذين لا يشكرون ، فعلى المؤمنين أن يكونوا كذلك أيضا.
وقد تكون الآية إشارة إلى أنّ الله غنيّ عن إنفاقكم. وأنّ ما تنفقونه إنّما هو لخيركم أنفسكم ، فلا تمنّوا على أحد. ثمّ إنّ الله حليم باتجاه خشونتكم ولا يتعجّل معاقبتكم لعلّكم تستيقظون وتصلحون أنفسكم.
* * *
__________________
(١) مجمع البيان : ج ١ ص ٣٧٥ ، نور الثقلين : ج ١ ص ٢٨٣.