ولذلك فإنّ جسم الآكل حين تسترجع منه الأجزاء ينحف ويصغر بنسبة ما يؤخذ منه. فالذي يزن ستين كيلو غراما ، مثلا ، حين يؤخذ منه أربعون كيلو غراما لتعطى للشخص الأوّل يصغر بحيث لا يزيد على وزن طفل.
وهل يسبّب هذا مشكلة؟ كلّا طبعا ، لأنّ هذا الجسد الصغير يكون حاويا على جميع صفات الشخص دون زيادة ولا نقصان ، وعند البعث يكون كالطفل الذي يولد صغيرا ثمّ ينمو ويكبر ويحشر بهيئة إنسان كامل. وليس في هذا النوع من النموّ عند البعث أيّ إشكال عقلي أو نقلي.
هل هذا النموّ عند البعث فوريّ أم تدريجيّ؟ هذا ما لا نعلمه ، ولكن الذي نعلمه هو أنّه سواء أكان هذا أم ذاك ، فلا يثير أيّة مشكلة ، والمسألة محلولة في كلتا الحالتين.
ويبقى سؤال واحد ، وهو : إذا كان كلّ جسد الشخص الآكل مكوّنا من أجزاء جسد الشخص المأكول ، فما العمل؟
الجواب بسيط ، لأنّ حالة كهذه مستحيلة الوجود ، فقضية الآكل والمأكول تقتضي أن يكون هناك أوّلا جسد معيّن ، ثمّ يتغذّى على جسد آخر وينمو ، وعلى هذا فلا يمكن أن تكون جميع أجزاء جسم الآكل متكونة من أجزاء جسم المأكول ، إذ ينبغي أن نفترض أوّلا وجود جسم سابق حتى يمكن أن يتغذّى على جسم آخر ، وعليه فإنّ جسم الثاني سوف يكون جزء من جسم الأوّل لا كلّه ، فتأمّل.
يتّضح من هذا الشرح أنّ مسألة المعاد الجسماني لجسم الإنسان نفسه ليس فيه أيّ إشكال ، ولا حاجة إلى تأويل الآيات الصريحة في إثبات هذا الموضوع.
* * *