٣ ـ شيء أوسع من السماوات والأرض كلّها بحيث إنّه يحيط بها من كلّ جانب. وعلى هذا يكون معنى الآية : كرسيّ الله يضمّ جميع السماوات والأرض ويحيط بها.
وقد نقل هذا التفسير عن الإمام علي عليهالسلام أنّه قال : «الكرسيّ محيط بالسماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى»(١).
بل يستفاد من بعض الروايات أنّ الكرسي أوسع بكثير من السماوات والأرض.
فقد جاء عن الإمام الصادق عليهالسلام قوله : «ما السماوات والأرض عند الكرسي إلّا كحلقة خاتم في فلاة ، وما الكرسي عند العرش إلّا كحلقة في فلاة»(٢).
المعنيان الأول والثاني مفهومان ، أمّا المعنى الثالث فأمر لم يتوصّل العلم البشري بعد لمعرفته وكشف الستار عنه ، فالعالم الذي يضمّ في زاوية منه السماوات والأرض لم يثبت وجوده بالطرق العلمية حتّى الآن ، كما أنّه ليس هناك أيّ دليل على عدم وجوده ، فالعلماء يعترفون جميعا بأن اتّساع السماء والأرض يزداد بمرور الأيّام وبتقدّم وسائل المعرفة العلمية، وما من أحد يستطيع أن يزعم أنّ سعة عالم الوجود هو ما يعرفه العلم اليوم ، ولا يستبعد أن تكون هناك عوالم أخرى لا تعدّ ولا تحصى خارجة عن نطاق وسائل الأبصار عندنا اليوم.
نضيف هنا أنّ التفاسير الثلاثة المذكورة لا يتعارض بعضها مع بعض ، وأنّ عبارة (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) يمكن أن تشير إلى حكومة الله المطلقة ونفوذ قدرته في السماوات والأرض ، كما تشير في الوقت نفسه إلى علمه النافذ ، وكذلك إلى عالم أوسع بكثير من عالمنا هذا. وهذه الآية تكمل الآيات السابقة من سعة علم الله.
__________________
(١) المصدر السابق : ص ٢٦٠ ح ١٠٤٢.
(٢) مجمع البيان : ج ١ ص ٣٦٢.