أم هم الرسل الذين وردت أسماؤهم أو ذكرت حكاياتهم في ما سبق من آيات هذه السورة فقط ، مثل إبراهيم ، موسى ، عيسى ، داود ، اشموئيل؟ أم هم جميع الرسل الذين ذكرهم القرآن حتّى نزول هذه الآية؟
ولكن يبدو أنّ المقصود هم الأنبياء والمرسلون جميعا ، لأنّ كلمة «الرسل» جمع حلّي بالألف واللام الدالّتين على الاستغراق ، فتشمل الرسل كافّة.
(فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ).
يتّضح جليّا من هذه الآية أنّ الأنبياء ـ وإن كانوا من حيث النبوّة والرسالة متماثلين ـ هم من حيث المركز والمقام ليسوا متساوين لاختلاف مهمّاتهم ، وكذلك مقدار تضحياتهم كانت مختلفة أيضا.
(مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ).
هذه إشارة إلى بعض فضائل الأنبياء ، وواضح أنّ المقصود بالآية موسى عليهالسلام المعروف باسم «كليم الله» ، كما أنّ الآية ١٦٣ من سورة النساء تقول عنه (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً).
أمّا القول بأنّ المقصود هو نبيّ الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنّ التكليم المنظور هنا هو التكليم الذي كان في ليله المعراج مع الرسول ، أو أنّ المراد هو الوحي الإلهي الذي ورد في آية ٥١ من سورة الشورى (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً) ...
حيث اطلق عليه عنوان التكلّم ، فإنّه بعيد جدّا ، لأنّ الوحي كان شاملا لجميع الأنبياء ، فلا يتلائم مع كلمة «منهم» لأنّ (من) تعبضيّة.
ثمّ تضيف الآية (وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ) ومع الالتفات إلّا أنّ الآية أشارت إلى التفاضل بين الأنبياء بالدّرجات والمراتب ، فيمكن أن يكون المراد في هذا التكرار إشارة إلى أنبياء معيّنين وعلى