يبعث الخوف ويحجب الخاطر عن التفكير فيه ، وتصويره ، بله ارتكابه والخوض في مناحيه. ويحسن بنا أن نورد حديثا فيه تجسيد فني لصورة الغلول أو الاستغلال ، أو اجتلاب المنافع الخاصة على حساب المجاهدين والضاريين في سبيل الله ، حتى على حساب الحيوانات التي لا تعقل ، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره ، حتى قال : «لا ألقين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبة فرس له حمحمة فيقول : يا رسول الله أغثني! فأقول لا أملك لك من الله شيئا فقد أبلغتك» والحديث طويل اجتزأنا منه بما تقدم.
٣ ـ التشبيه البليغ في قوله «هم درجات» فقد جعلهم الدرجات نفسها ، للمبالغة في إظهار التفاوت ، لما بينهم في الثواب والعقاب.
٤ ـ الالتفات وهو هنا العدول عن ذكر الخاص ، وهو النبي ، الى ذكر العام ، وهو كل نفس ، ليشمل كل كاسب بغير حق ، وليتلطف ويتعطف في تقرير الغلول ونتائجه بالنسبة للنبي. ألا ترى الى قوله تعالى : «عفا الله عنك لم أذنت لهم» فقد بدأ المصطفى بالعفو ، ولو لم يبدأ به لتفطر قلبه.
٥ ـ الطباق بين الرضوان والسخط.
(لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (١٦٤))