السبب وغير السبب ، فإن الساحل لا يحتاج في ورده الى سبب ، والقليب يحتاج في ورده الى سبب ، وكلا هذين المعنيين مجاز ، فإن حقيقة الساحل والقليب غيرهما ، والوجه هو الثاني لأنه أدلّ على بلاغة القائل ، ومدح المقول فيه. أما بلاغة القائل فالسلامة من هجنة التكرير ، والمخالفة بين صدر البيت وعجزه يدلّ على القليل والكثير ، لأن البارض هو أول النبت حين يبدو ، فإذا كثر وتكاثف سمي جميما ، فكأنه قال :أخذنا منه تبرعا ومسألة ، وقليلا وكثيرا ، وأما مدح المقول فيه فلتعداد حالاته الأربع في تبرعه وسؤاله ، وإكثاره وإقلاله ، وما في معاناة هذه الأحوال من المشاق. والكلام في هذا يطول ، ولكنه كالحسن غير مملول.
الفوائد :
١ ـ يقاس حذف الجار في أنّ وأن بشرط أمن اللبس ، ويشكل عليه قوله تعالى : «وترغبون أن تنكحوهن» فحذف الجار هنا مع أن اللبس موجود ، بدليل أن المفسرين اختلفوا في المراد ، فبعضهم قدر «في» وبعضهم قدر «عن» ، واستدل كلّ على ما ذهب اليه ، وأجيب عنه بجوابين :
أ ـ أن يكون حذف الجر اعتمادا على القرينة الرافعة للّبس.
ب ـ أن يكون حذف لقصد الإبهام ليرتدع بذلك من يرغب فيهن لجمالهنّ ومالهنّ ، ومن يرغب عنهن لدمامتهن وفقرهن.
فالاختلاف إذن في القرينة.
٢ ـ أجازوا في يتامى النساء أوجها أخرى نوردها ترويضا للذهن