تفسيره البحر ، ومن هذه الوجوه أن يكون «لكل» متعلقا بجعلنا ، والضمير في «ترك» عائد على «كل» المضاف لإنسان ، والتقدير :وجعل لكل إنسان إرثا مما ترك ، فيتعلق «مما» بما في معنى «موالي» من معنى الفعل ، أو بمضمر يفسره المعنى ، والتقدير : يرثون مما ترك ، وتكون الجملة قد تمت عند قوله : مما ترك ، ويرتفع «الوالدان» ، كأنه قيل : ومن الوارث؟ فقيل : هم الوالدان والأقربون ، والكلام جملتان. ومن تلك الوجوه أن يكون التقدير : وجعلنا لكل إنسان موالي ، أي ورّاثا ، ثم أضمر فعل أي : يرث الموالي مما ترك الوالدان ، فيكون الفاعل لـ «ترك» «الوالدان» وكأنه لما أبهم في قوله : وجعلنا لكل إنسان موالي ، بيد أن ذلك الإنسان الذي جعل له ورثة هو الوالدان والأقربون ، فأولئك الوراث يرثون مما ترك والداهم وأقربوهم ، ويكون الوالدان والأقربون موروثين ، وعلى هذين الوجهين لا يكون في «جعلنا» مضمر محذوف ، ويكون مفعول «جعلنا» لفظ «موالي» ، والكلام جملتان. ولعل فك الطلاسم أسهل من هذه الوجوه المتداخلة ، فالكلام معجز ، والقواعد جاءت تابعة للغة. فهي مهما امتدت وتوسعت لا تعم ولا تشمل جميع تراكيبها.
رأي وجيه للشوكاني :
وبعد كتابة ما تقدم وقعت على رأي وجيه للشوكاني ، فأحببت أن أختتم به البحث عن هذه الآية العجيبة ، قال : «أي جعلنا لكل إنسان ورثة موالي يلون ميراثه ، «لكل» مفعول ثان قدم على الفعل لتأكيد الشمول ، وهذه الجملة مقررة لمضمون ما قبلها ، أي ليتبع كل أحد ما قسم الله له من الميراث ولا يتمن ما فضل الله له غيره عليه.