البلاغة :
في هذه الأبيات
طائفة من فنون البلاغة نجملها بما يلي :
١ ـ حسن الختام
: وقد تقدّم بحثه ، ومن حق سورة البقرة وقد اشتملت على العديد من الأحكام ، وانطوت
على التشريع البيان ـ أن يتناول ختامها شكر المنعم الذي منّ على الإنسان بالعقل
ليفكّر ، ومن حق المنعم عليه أن
يعترف لمن أسدى
إليه الآلاء أن يشكرها ولمن نصب أمامه محاريب الفكر ومجالي الإبداع أن يفكر فيها
ويتدبرها ، ويشهد لمن أبدعها بالحول والطّول والانفراد بالوحدانية المتجلية على
قلوب المؤمنين. فبالفكر وحده يحيا الإنسان وبالفكر استدل على وجوده وما أجمل قوله
صلى الله عليه وسلم : «السورة التي تذكر فيها البقرة فسطاط القرآن فتعلموها ، فإن
تعلمها بركة ، وتركها حسرة ، ولن تستطيعها البطلة» قيل : وما البطلة؟ قال :
السحرة. ومعنى كونها فسطاط القرآن أنها اشتملت على معظم أمور الدين أصولا وفروعا ،
والإرشاد الى ما فيه حسن المعايش في الدنيا والفوز في الآخرة.
٢ ـ المقابلة :
في قوله : «لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت» فقد طابق بين لها وعليها ، وبين كسبت
واكتسبت. فالفعل الأول يختص بالخير ، والفعل الثاني يختص بالشر فإن في الاكتساب
اعتمالا ، والشر تتشهّاه النفس وتجنح إليه بالطبع بخلاف الخير فإنه يهبط على النفس
كما يهبط الفيض من آلاء الله ، وكما يشرق اليقين في النفس.
إشراقا جعل من
فلاسفة الإشراق مؤمنين ، ومن الغزالي وديكارت أوّابين متبتّلين ...