وقد اختبرهم الإمام الحسن عليهالسلام في « ساباط » فألقى عليهم كلمة فهموا منها أنّه أراد الصلح. فقاموا عليه وكأنّهم لم يبايعوه على الطاعة ومسالمة من سالم ومحاربة من حارب. وقد كمن لهذا الجيش المفكّك غدر معاوية فهرب من هرب إلى الشام ورجع من رجع إلى الكوفة.
فهل ترى من الحكمة بعد معرفة هذا الجيش المفكّك أن يحارب به جيش معاوية الذي كان مطيعاً لمعاوية معتقداً فيه الإمامة المطلقة.
فانّه لو أقدم به لكان من غير البعيد أن يسلّم هذا الجيش الإمام الحسن عليهالسلام حيّاً أو ميتاً من دون مقابل ، وبالتالي لن يبقى من أهل البيت وشيعتهم أحد.
ونتيجة ذلك انّ مسالمته لا تعد من السياسة الفاشلة أو الخاسرة حتى يُرجّح معاوية على الإمام الحسن عليهالسلام في ذلك.
مواقف حاسمة :
بعد وفاة شهيد المحراب أمير المؤمنين عليهالسلام ، وقف الإمام الحسن عليهالسلام وهو الرجل « الحديدي الذي لا تزيده النكبات المحيطة به إلّا لمعاناً في الإخلاص ، واتّقاداً في الرأي ، واستبسالاً في تلبية الواجب ، وتفانياً للمبدأ ، ولم يكن لتساوره الحيرة على كثرة ما كان في موقفه من البواعث عليها ، ولا وجد في صدره حرجاً ولا تلوّماً ولا ندماً ، ولكنّه وقف ليختار الرأي وليرسم الخطّة وليتخذ التدابير (٣٤). وقف هذا الفارس المهاب مواقف حاسمة في تاريخ الإسلام ، ومن أهداف هذه المواقف :
١ ـ خطبته في صبيحة
اللّيلة التي قبض فيها أمير المؤمنين عليهالسلام ، وقد تضمّنت ـ على قصرها ـ اُموراً مهمة ، فكانت مُنعطفاً في تاريخ الإسلام ليس له مثيل قبله ولا مثيل بعده ، فمَن هو الإمام الذي تسلّم الإمامة بالنص والمبايعة من قِبَل جمهور المسلمين مباشرة ؟ ليس هناك إمام كذلك ، والإمام علي لم يبايعه