مسموم
مع ما أعطاهم الله من الولاية التكوينية فإذا كان مَن عنده علم بعض الكتاب استطاع أن يأتي بعرش بلقيس بعظمته في طرفة عين أفلا يتمكّن مَن عنده علم الكتاب كله أن يمحو جيوش معاوية في طرفة عين ؟! ولم يفعل ذلك لأنّ هدفه ليس هو الدنيا ، فلو كان للدنيا لكان غير الذي كان على حدّ تعبيره عليهالسلام ، وإنّما هدفه الوصول إلى الغايات السامية التي أرادها الله وقدّرها ولا يحيفون عن ذلك قيدِ شعرة.
فإذا كان الإمام
الحسن عليهالسلام هكذا ، فهل يُقاس بمعاوية الذي لم يطع
الله في حركته وقيامه ضدّ الإمام الحسن عليهالسلام ؟!
السياسة المهدية والسياسة النكراء :
السياسة عبارة عن
تدبير الأمر ، فالسائس من له الأمر والنهي على أفراده كما هو التفسير اللّغوي لهذه اللفظة.
وقد ذكر ابن أبي
الحديد : أنّ السائس لا يتمكّن من السياسة البالغة إلّا إذا كان يعمل برأيه وبما يرى فيه صلاح ملكه وتمهيد أمره وتوطيد قاعدته سواء وافق الشريعة أو لم يوافقها ، ومتى لم يعمل في السياسة والتدبير بموجب ما قلناه فبعيد أن ينتظم أمره أو يستوثق حاله .
إلّا إنّه نظر إلى
السياسة من زاوية ظاهرية ؛ إذ رأى أنّ حكّام عصره ومن سبقهم غير المسترشدين بالشريعة كانوا كذلك ، فرأى أنّ هؤلاء الحكّام لا يمكنهم سياسة الاُمور وتدبير الممالك إلّا بإعمال آرائهم الشخصية الموجبة لتوطيد قواعدهم سواء وافقت آراؤهم للشريعة أم لا.
ولكننا إذا نظرنا إلى
واقع السياسة فهي عبارة عن تدبير الاُمور أحسن تدبير ، والظاهر من كلام أمير المؤمنين أنّها وضع الأشياء في مواضعها ، فقد عرّف