لفظا ، أو محلّا ، نحو : «زيدا علّمته» (١) و «هذا كافأت ابنه» (٢). ولا بدّ للاشتغال من ثلاثة أمور مجتمعة : مشغول ، وهو العامل ، ويسمّى أيضا «المشتغل» (وهو الفعل «علّمت» في المثال الأوّل ، و «كافأت» في الثاني) ؛ و «مشغول به» ، وهو الضمير العائد على الاسم السابق مباشرة ، أو اللفظ السببي الذي اتصل به ضمير يعود على الاسم المتقدّم (الهاء في «علمته» في المثال الأول ، و «ابن» في المثال الثاني) ؛ و «مشغول عنه» ، وهو الاسم المتقدّم الذي كان في الأصل متأخّرا ، مفعولا به حقيقيّا أو حكميّا ، ثم تقدّم على عامله ، وترك مكانه للضمير المباشر ، أو للسببيّ ، فانصرف العامل عن المفعول ، واشتغل بما حلّ محلّه («زيدا» في المثال الأوّل ، و «هذا» في المثال الثاني).
٢ ـ حكم الاسم السابق في الاشتغال : يجوز في الاسم السابق من ناحية الإعراب أمران ـ بشرط ألّا يوجد ما يحتّم أحدهما ممّا سنعرفه ـ أولهما رفعه ، وإعرابه مبتدأ ، والجملة بعده خبره ، نحو : «زيد شاهدته» ، وثانيهما نصبه وإعرابه مفعولا به لفعل محذوف من لفظ الفعل المذكور ومعناه ، نحو : «الطالب علّمته» (٣) أو من معناه فقط ، نحو : «المدرسة مررت بها» (٤). والإعراب الأوّل هو الأفضل لأنه يعفينا من التقدير.
والأسماء المتقدّمة في باب الاشتغال ثلاثة أقسام : قسم يجب نصبه ، وقسم يجب رفعه ، وقسم يجوز فيه الأمران ، علما أنّ الاسم ، إذا رفع ، يخرج الأسلوب من باب «الاشتغال» بالمعنى النحويّ لهذه الكلمة.
أمّا الأسماء التي يجب نصبها ، فهي التي تقع بعد أدوات لا يليها إلّا الفعل ، كأدوات الشرط ، والتحضيض ، والعرض ، والاستفهام (٥) ، نحو : «إن فقيرا تصادفه ، فأعنه» (٦) ، و «هلّا وطنك تساعده» ، و «ألا
__________________
(١) «زيدا» مفعول به لفعل محذوف تقديره : علّمت ، والأصل : علّمت زيدا علّمته. وجملة «علمته» تفسيريّة لا محل لها من الإعراب.
(٢) «هذا» اسم إشارة مبنيّ على السكون في محل نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره : «كافأت» ، والأصل : كافأت هذا كافأت ابنه ، وجملة «كافأت ابنه» تفسيريّة لا محل لها من الإعراب.
(٣) «الطالب» مفعول به لفعل محذوف ، تقديره «علّمته».
(٤) «المدرسة» : مفعول به لفعل محذوف تقديره : «جاوزت» ، والأصل : جاوزت المدرسة مررت بها.
(٥) إلّا الهمزة التي لا تختصّ بالأفعال ، وإنما يجوز دخولها على الأسماء.
(٦) برفع الفعل «تصادفه» ، لأنه ليس فعلا للشرط ، فالشرط المجزوم هو الفعل المحذوف مع فاعله ، والتقدير : ـ ـ إن تصادف فقيرا تصادفه فأعنه. وجملة «تصادفه» تفسيريّة لا محلّ لها من الإعراب.