ونفي الجنس. فإذا قلت : «لا رجل في الدار» صحّ أن يكون المراد : ليس أحد من جنس الرجال في الدار ، كما يصحّ أن يكون : ليس رجل واحد في الدار (١). «أما «لا» النافية للجنس فلا معنى لها إلّا نفي الجنس نفيا تامّا».
ه ـ لا النافية للجنس (٢) : حرف يدخل على الجملة الاسميّة ، فيعمل فيها عمل «إنّ» من نصب المبتدأ ورفع الخبر.
وهي تفيد نفي الخبر عن الجنس الواقع بعدها نصّا أي : نفيا عامّا ، أو على سبيل الاستغراق ، لا على سبيل الاحتمال. فإذا قلت : «لا رجل في السّاحة» كان المعنى : لا واحد ولا أكثر موجود في الساحة ، ويشترط في عملها :
١ ـ أن يكون اسمها وخبرها نكرتين (٣).
٢ ـ ألّا يفصل بينها وبين اسمها بفاصل.
٣ ـ ألّا يدخل عليها حرف جر.
ومن الأمثلة التي توافرت فيها هذه الشروط قولك : «لا رجل في البيت» («لا» : حرف لنفي الجنس مبني على السكون لا محل له من الإعراب. «رجل» : اسم «لا» مبنيّ على الفتح في محل نصب. «في» : حرف جر مبنيّ على السكون لا محل له من الاعراب ، متعلّق بخبر «لا» المحذوف.
«البيت» : اسم مجرور بالكسرة الظاهرة). أمّا إذا لم يتحقّق شرط من هذه الشروط ، فإنّ «لا» تصبح مهملة ، نحو : «لا زيد في الدار ولا خليل» (٤) ، و «لا في الدار رجل ولا امرأة» (٥) ، و «سافرت بلا زاد» (٦)
ويكون اسم «لا» مبنيا على ما كان ينصب به ، إذا كان مفردا (المفرد هنا ما ليس مضافا ولا شبيها بالمضاف) ، نحو : «لا رجلين
__________________
(١) لذلك يجوز أن نقول هنا : «لا رجل في الدار بل رجلان أو ثلاثة».
(٢) وتسمّى أيضا «لا التبرئة» لأنها تبرّئ المبتدأ عن اتصافه بالخبر.
(٣) فلو كان اسمها معرفة لكان محدّدا ، وخرج بذلك عن دلالته على استغراق الجنس. لكن قد يقع هذا الاسم معرفة مؤوّلة بنكرة يراد بها الجنس. كأن يكون الاسم علما مشتهرا بصفة ، كحاتم المشهور بالكرم ، وعنترة المشهور بالشجاعة ، وهيثم المشهور بالحداء ...
الخ ، نحو : «لا حاتم مكروه».
(٤) أهملت «لا» هنا ووجب تكرارها ، لأن اسمها معرفة ، ونعرب المثل على النحو التالي : «لا» : حرف نفي مهمل مبنيّ على السكون لا محل له من الإعراب.
«زيد» : مبتدأ مرفوع بالضمّة الظاهرة. «في» : حرف جر مبنيّ على السكون لا محلّ له من الإعراب ، متعلّق بخبر محذوف تقديره : موجود. «الدار» : اسم مجرور بالكسرة الظاهرة. «ولا» : الواو حرف عطف مبنيّ على الفتح لا محل له من الإعراب. «لا» حرف زائد لتأكيد النفي.
«خليل» مثل «زيد». والخبر محذوف تقديره : موجود.
(٥) أهملت «لا» هنا ووجب تكرارها ، لأنه فصل بينها وبين اسمها.
(٦) أهملت «لا» هنا لأنه اتصل بها حرف جرّ.