شواهد منها قوله تعالى : (فَاسْتَوى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى)(١) (النجم : ٦) ، وقول عمر بن أبي ربيعة :
قلت إذ أقبلت وزهر تهادى |
كنعاج الملا تعسّفن رملا (٢) |
وقول جرير :
ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه |
ما لم يكن وأب له لينالا (٣) |
ومنع البصريّون هذا العطف : لأنّ الضمير المرفوع المتّصل «لا يخلو إمّا أن يكون مقدّرا في الفعل أو ملفوظا به : فإن كان مقدّرا فيه ، نحو : «قام وزيد» ، فكأنّه قد عطف اسما على فعل ، وإن كان ملفوظا به ، نحو : «قمت وزيد» فالتّاء تنزل بمنزلة الجزء من الفعل ، فلو جوّزنا العطف عليه ، لكان أيضا بمنزلة عطف الاسم على الفعل ، وذلك لا يجوز» (٤).
وقالوا إنّ الواو في «وهو» في الآية السابقة هي واو الحال ، لا واو العطف ، والمعنى أنّ جبريل وحده استوى بالقوة في حالة كونه بالأفق. وقيل : فاستوى على صورته التي خلق عليها في حالة كونه بالأفق ، وإنّما كان قبل ذلك يأتي النبيّ (صلعم) في صورة رجل.
وأمّا العطف على الضّمير المرفوع المتّصل في البيتين السّابقين فضرورة شعريّة.
١٦ ـ العطف على التوهّم : وردت عن العرب بعض الأساليب عطف فيها على خبر «ليس» و «ما» وغيرهما المنصوب ، اسم مجرور ، على توهّم وجود الباء الجارّة في خبر النواسخ ، ومنها قول الشاعر :
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة |
ولا ناعب إلّا ببين غرابها |
حيث عطف «ناعب» بالجرّ على «مصلحين» بتوهّم أنّ المعطوف عليه مجرور بالباء ، وأنّ التقدير : بمصلحين.
عفوا :
مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره :
__________________
(١) الشاهد في هذه الآية عطف الضمير «هو» على الضمير المرفوع المستكنّ في «استوى» ، والمعنى : فاستوى جبريل ومحمّد بالأفق.
(٢) زهر : جمع «زهراء» ، والمقصود النساء المشرقات اللّون. تهادى : تتهادى. الفلا : جمع «فلاة» ، وهي الصّحراء الواسعة ، وأراد بـ «نعاج الفلا» : الظّباء.
تعسّفن : سرن سيرا شديدا ليس فيه تؤدة ولا رفق.
والشاهد في هذا البيت قوله «أقبلت وزهر» حيث عطف قوله «زهر» على الضمير المستتر المرفوع في «أقبلت».
(٣) الشاهد في هذا البيت عطف «أب» على الضمير المستتر المرفوع في «يكن».
(٤) ابن الأنباري : الإنصاف في مسائل الخلاف.
ج ٢. ص ٤٧٧.