اسميّة ، نحو : «أعلم أن الصبر مفتاح الفرج» (١) والجملة بعد «أن» المخفّفة إمّا اسميّة أو فعليّة. فإذا كانت فعليّة فعلها متصرّف (٢) فالأفضل أن يفصل (٣) بين «أن» والفعل خمسة أشياء : أولها «قد» ، كقوله تعالى : (وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا) (المائدة : ١١٣) وثانيها حرف التنفيس (السين أو سوف) ، نحو الآية : (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى) (المزمل : ٢٠) ، وثالثها النفي بـ «لن» أو «لم» أو «لا» ، نحو الآية : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) (البلد : ٧) ، ورابعها أداة الشرط ، نحو : «اعلم أن لو اجتهد الطالب لنجح» ، وخامسها «ربّ ، نحو : «علمت أن ربّ ثرثار قوصص».
ـ إذا خفّفت «كأنّ» فالأرجح إهمالها (٤) وقد تعمل بالشروط السابقة التي لـ «أن» (٥).
ـ إذا خفّفت «لكنّ» ، أهملت وجوبا عند جمهور النحاة ، نحو : «جاء زيد لكن خالد غائب».
ب ـ إذا عطفت على أسماء الأحرف المشبّهة بالفعل ، نصبت المعطوف سواء أوقع قبل الخبر ، نحو : «إن زيدا ومحمدا ناجحان» أم بعده ، نحو : «إن زيدا ناجح ومحمدا». وقد يرفع ما بعد العطف بعد استكمال الخبر (٦)
__________________
(١) «أعلم» فعل مضارع مرفوع للتجرّد ، وفاعله مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ، «أن» مخففة من الثقيلة حرف توكيد ونصب مبنيّ ... وحرّك بالكسر منعا من التقاء ساكنين ، واسمه ضمير الشأن محذوف ، والتقدير «أنه» أي الشأن. «الصبر» : مبتدأ مرفوع. «مفتاح» : خبر المبتدأ مرفوع ، وهو مضاف. «الفرج» : مضاف إليه مجرور.
والجملة من المبتدأ وخبره جملة اسميّة في محل رفع خبر «ان» ، والتقدير «أعلم أنه الصبر مفتاح الفرج».
(٢) أمّا إذا كان فعلها جامدا او إذا كانت الجملة اسميّة ، فلا تحتاج إلى فاصل ، نحو : «أعلم أن راسب كلّ من يتكاسل».
(٣) وفائدة الفاصل هنا بيان أنّ «أن» هذه مخفّفة من «أنّ» وليست «أن» الناصبة ، وإلى هذا يذهب الكوفيّون. ـ
(٤) وإلى هذا يذهب الكوفيّون.
(٥) إلا أنه يجوز إثبات اسمها ، نحو : «كأن بدرا منيرا هذا الوجه» فاسم «كأن» هنا هو «بدرا» وخبرها «هذا».
(٦) أمّا العطف بالرفع قبل تمام الخبر ، فقد أجازه الكوفيّون (ونحن نجيزه) ومنعه البصريّون وأوّلوا ما جاء من أمثلة تخالفهم ، كقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى ، مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (المائدة : ٦٩) فذهبوا إلى أن «الصابئون» مبتدأ حذف خبره اكتفاء بخبر «إنّ» لتوافق الخبرين لفظا ومعنى. ولك أن تجعل «من آمن بالله واليوم الآخر» خبرا للمبتدأ الذي هو «الصابئون» لتوافق الخبرين لفظا ومعنى. فالآية الكريمة ، قد خرّجوها ، على حذف خبر «انّ» اكتفاء بخبر «الصابئون» ، أو على حذف خبر «الصابئون» اكتفاء بخبر «إنّ». وإلى مثل هذا التأويل ذهبوا في قول الشاعر : ـ ـ
فمن يك أمسى بالمدينة رحله |
فإني وقيار بها لغريب. |