٣ ـ ترتيب اسمها وخبرها : يجب التزام الترتيب بين هذه الأحرف وبين اسمها وخبرها ، فلا يجوز أن يتقدّم الخبر على اسمها أو عليها ، إلّا إذا كان محذوفا مدلولا عليه بما يتعلّق به من ظرف ، أو حرف جرّ متقدّمين على الاسم ، نحو الآية : (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) (الشرح : ٦) أمّا معمول الخبر ، فيجوز أن يتقدم على الاسم ، إذا كان ظرفا أو مجرورا بحرف جر ، نحو : «إنّ أمامك زيدا واقف» (١) ، ونحو : «إنّ في القاعة معلّمنا يناقش».
٤ ـ إلحاق «ما» الزائدة بأواخر هذه الأحرف : إذا لحقت «ما» الزائدة الأحرف المشبّهة بالفعل كفّتها عن العمل (٢) ، فيرجع ما بعدها مبتدأ وخبرا كقوله تعالى : (أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) (الأنبياء : ١٠٨) غير أن «ليت» يجوز فيها الإعمال (وهو الأرجح) والإهمال ، نحو : «ليتما الجوّ يصحو» و «ليتما الجوّ يصحو».
٥ ـ ملاحظتان : أ ـ يجوز أن تخفّف «إنّ» و «أنّ» و «كأنّ» و «لكنّ» بحذف النون الثانية فيقال «إن ـ أن ـ كأن ـ لكن». وهذه أحكامها.
ـ إذا خفّفت «إنّ» أهملت وجوبا إذا جاء بعدها فعل ، كقوله تعالى : (إِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ) (الأعراف : ٦٦). ويكثر أن يكون هذا الفعل مضارعا ناسخا وأكثر منه ما يكون ماضيا ناسخا. أما إذا جاء بعدها اسم فالكثير الغالب إهمالها ، نحو : «إن زيد لكريم» (٣) ويقلّ إعمالها ، نحو : «إن زيدا لكريم» ، ومتى أهملت ، يقترن خبرها باللام المفتوحة وجوبا للتفرقة (٤) بينها وبين «إن» النافية كي لا يقع اللّبس (٥). ويقلّ دخول اللام المفتوحة على الخبر المنفيّ.
ـ إذا خفّفت «أنّ» لا يجوز إعمالها إلّا بشرطين : أوّلهما أن يكون اسمها محذوفا (والأغلب اعتبار هذا الاسم ضمير الشأن) (٦). وثانيهما أن يكون خبرها جملة
__________________
(١) «إنّ» حرف توكيد ونصب مبني ... «أمامك» ظرف منصوب على الظرفية ، والكاف مضاف إليه ، وشبه الجملة متعلق بـ «واقف». «زيدا» اسم «إنّ» منصوب. «واقف» خبر «انّ» مرفوع.
(٢) ولذلك تسمى «ما الكافة».
(٣) «إن» حرف مهمل مبني ... «زيد» مبتدأ مرفوع «لكريم» اللام الفارقة حرف مبنيّ لا محلّ له من الإعراب. «كريم» خبر المبتدأ مرفوع.
(٤) ولذلك تسمّى «اللام الفارقة».
(٥) أمّا إذا أمن اللّبس ، جاز ترك اللام ، كقول الشاعر :
أنا ابن أباة الضّيم من آل مالك |
وإن مالك كانت كزام المعادن. |
لأن المقام هنا مقام مدح ، وهو يمنع أن تكون «إن» النافية ، وإلا انقلب المدح ذمّا.
(٦) ضمير الشأن هو ضمير الغائب المفرد يكنّى به عن الشأن أي الأمر الذي يراد الحديث عنه ، نحو : «هو السيّد الأمين رحيم». والغاية منه تعظيم الأمر وتنبيه ـ ـ السامع وإزالة الإبهام. ولا يكون إلّا بلفظ الغائب ويكون منفصلا أو متّصلا ، وحكمه في الإعراب أن يكون مبتدأ أو اسم «ما» المشبهة بليس ، أو اسم كان ، أو مفعول به أوّل لأفعال القلوب ، ومن مميّزاته أنّه يعود إلى ما بعده بخلاف الضمائر ، وأنّه يلازم الإفراد.