فلان يعنى يحضره ويلزمه وقال النبي صلىاللهعليهوسلم (إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان) وذلك لقوله عز وجل (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ) فجعل حضوره المساجد عمارة لها وأصحابنا يجيزون لهم دخول المساجد وسنذكر ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى ومما يدل على أنه عام في سائر المساجد وأنه غير مقصور على بيت المقدس خاصة أو المسجد الحرام خاصة إطلاقه ذلك في المساجد فلا يخص شيء منه إلا بدلالة* فإن قيل جائز أن يقال لكل موضع من المسجد مسجد كما يقال لكل موضع من المجلس مجلس فيكون الاسم واقعا على جملته تارة وعلى كل موضع سجود فيه أخرى* قيل له لا تنازع بين أهل اللسان أنه لا يقال للمسجد الواحد مساجد كما لا يقال أنه مسجدان وكما لا يقال للدار الواحدة أنها دور فثبت أن الإطلاق لا يتناوله وإن سمى موضع السجود مسجدا وإنما يقال ذلك مقيدا غير مطلق وحكم الإطلاق فيما يقتضيه ما وصفنا وعلى أنك لا تمتنع من إطلاق ذلك في جميع المساجد وإنما تريد تخصيصه ببعضها دون بعض وذلك غير مسلم لك بغير دلالة قوله تعالى (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) روى أبو أشعث السمان عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال كنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلّى كل رجل منا على حياله ثم أصبحنا فذكرنا ذلك للنبي صلىاللهعليهوسلم فأنزل الله تعالى (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) وروى أيوب بن عتبة عن قيس بن طلق عن أبيه أن قوما خرجوا في سفر فصلوا فتاهوا عن القبلة فلما فرغوا تبين لهم أنهم كانوا على غير القبلة فذكروا ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال تمت صلاتكم وروى ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن رجل سأل ابن عمر عمن يخطئ القبلة في السفر ويصلّى قال فأينما تولوا فثم وجه الله وحدثنا أبو على الحسين بن على الحافظ قال حدثنا محمد بن سليمان الواسطي قال حدثني أحمد بن عبد الله بن الحسن العنبري قال وجدت في كتاب أبى عبيد الله بن الحسن قال عبد الملك بن أبى سليمان العرزمي عن عطاء بن أبى رباح عن جابر بن عبد الله قال بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم سرية كنت فيها فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة فقالت طائفة منا قد عرفنا القبلة هاهنا قبل الشمال فصلوا وخطوا خطوطا وقالت طائفة القبلة هاهنا قبل الجنوب وخطوا خطوطا فلما أصبحنا وطلعت الشمس وأصبحت تلك الخطوط لغير القبلة فلما قفلنا من سفرنا سألنا النبي صلىاللهعليهوسلم عن ذلك فسكت فأنزل الله (فَأَيْنَما