الروايتين* فإن قيل على هذا يلزمه أن يجزى صوم المريض الذي يجوز له الإفطار عن غير رمضان بأن نواه تطوعا أو عن واجب عليه للعلة التي ذكرتها في المسافر قيل له لا يلزم ذلك لعدم العلة التي ذكرتها في المسافر وذلك لأن المعنى الذي وجب القول في المسافر بما وصفناه وأنه مخير بين الصوم وتركه من غير ضرر يلحقه وأشبه ذلك حاله في غير رمضان وأما المريض فليس كذلك لأنه لا يجوز له الفطر إلا مع خشية زيادة العلة والضرر اللاحق بالصوم فهو لا يخلو من أن لا يضر به الصوم فعليه فعله أو أن يضره فغير جائز له الصوم فلما كان كذلك كان فعل الصوم مستحقا عليه أو تركه من غير تخيير فمتى صامه وقع عن الفرض إذ كانت إباحة الإفطار متعلقة بخشية الضرر فمتى فعل الصوم فقد زال المعنى وصار بمنزلة الصحيح فأجزى عن صوم الشهر على أى وجه صام والله أعلم.
باب في عدد قضاء رمضان
قال الله تعالى (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) فذكر بشر بن الوليد عن أبى يوسف وهشام عن محمد من غير خلاف من أحد من أصحابنا قالوا إذا صام أهل بلد تسعة وعشرين يوما للرؤية وفي البلد رجل مريض لم يصم فإنه يقضى تسعة وعشرين يوما فإن صام أهل بلد ثلاثين يوما للرؤية وصام أهل بلد تسعة وعشرين يوما للرؤية فعلم بذلك من صام تسعة وعشرين يوما فإن عليهم أن يقضوا يوما وعلى المريض المفطر قضاء ثلاثين يوما وحكى بعض أصحاب مالك بن أنس عنه أنه يقضى رمضان بالأهلة وذكر عنه أشهب أنه سئل عمن مرض سنتين ثم مات عن غير قضاء أنه يطعم عنه ستين مسكينا لكل مسكين مدا وقال الثوري فيمن مرض رمضان وكان تسعة وعشرين يوما أنه يصوم الذي كان عليه وقال الحسن بن صالح إن مرض رجل شهر رمضان فأفطره من أوله إلى آخره ثم ابتدأ شهرا يقضيه فكان هذا الشهر الذي يقضى فيه تسعة وعشرين يوما أجزأه عن شهر رمضان الذي أفطر وإن كان ثلاثين يوما لأنه جزاء شهر بشهر وإن كان ابتداء القضاء على غير استقبال شهر أتم ثلاثين يوما وإن كان شهر رمضان تسعة وعشرين يوما لأن الشهر لا يكون تسعة وعشرين يوما إلا شهرا من أوله إلى آخره* قال أبو بكر أما إذا كان الشهر تسعة وعشرين أو ثلاثين يوما ثم أراد المريض القضاء فإنه يقضيه بعدد أيام شهر الصوم الذي أفطر فيه سواء ابتدأ بالهلال أو من بعض