إنسان فقتله قودا إنه لا يحرم الميراث وأيضا فلو كان قتل العادل الباغي يحرمه الميراث لوجب أنه إذا كان محاربا فاستحق القتل حدا أن لا يكون ميراثه لجماعة المسلمين لأن الإمام قام مقام الجماعة في إجراء الحكم عليه فكأنه قتلوه فلما كان المسلمون هم المستحقين لميراث من ذكرنا أمره وإن كان الإمام قام مقامهم في قتله ثبت بذلك أن من قتل بحق لا يحرم قاتله ميراثه وقال أصحابنا في حافر البئر وواضع الحجر في الطريق إذا عطب به إنسان أنه لا يحرم الميراث لأنه غير قاتل في الحقيقة إذ لم يكن فاعلا للقتل ولا لسبب اتصل بالمقتول والدليل على ذلك أن القتل على ثلاثة أوجه عمدا وخطأ وشبه العمد وحافر البئر وواضع الحجر خارج عن ذلك فإن قيل حفر البئر ووضع الحجر سبب للقتل كالرامي والجارح أنهما قاتلان لفعلهما السبب قيل له الرمي وما تولد منه من مرور السهم هو فعله وبه حصل القتل وكذلك الجرح فعله فصار قاتلا به لاتصال فعله للمقتول وعثار الرجل بالحجر ووقوعه في البئر ليس من فعله فلا يجوز أن يكون به قاتلا وقوله تعالى (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) يدل على أن العالم بالحق المعاند فيه أبعد من الرشد وأقرب إلى اليأس من الصلاح من الجاهل لأن قوله تعالى (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) يفيد زوال الطمع في رشدهم لمكابرتهم الحق بعد العلم به وقوله تعالى (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) قيل في معنى معدودة أنها قليلة كقوله (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ) أى قليلة وقال ابن عباس وقتادة في قوله أياما معدودة أنها أربعون يوما مقدار ما عبدوا العجل وقال الحسن ومجاهد سبعة أيام وقال تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) فسمى أيام الصوم في هذه الآية معدودات وأيام الشهر كله وقد احتج شيوخنا لأقل مدة الحيض وأكثره أنها ثلاثة وعشرة بقول النبي صلىاللهعليهوسلم (المستحاضة تدع الصلاة أيام إقرائها) وفي بعض الألفاظ (دعى الصلاة أيام حيضك) واستدلوا بذلك على أن مدة الحيض تسمى أياما وأقلها ثلاثة وأكثرها عشرة لأن ما دون الثلاثة يقال يوم أو يومان وما زاد على العشرة يقال فيه أحد عشر يوما وإنما يتناول هذا الاسم ما بين الثلاثة إلى العشرة فدل ذلك على مقدار أقله وأكثره فمن الناس من يعترض على هذا الاستدلال بقوله (أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) وهي أيام الشهر وقوله (إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) وقد قيل