رأي الأخفش مستبدلا بكلمة «تجرّد» كلمة «تعرّي» ، وقال بارتفاع المضارع لتجرّده عن النواصب والجوازم. وأما ثعلب ، وهو آخر أقطاب المدرسة الكوفية ، فقد قال بأن المضارع مرفوع بـ «المضارعة».
وإذا كان المرء يدهش لرأي الكسائي حين يرى حروف المضارعة عاجزة عن عمل الرفع في المضارع ، منصوبا أو مجزوما ، على الرغم من ثبوتها فيهما ، فإنه يجد نفسه حائرا أمام كلمة «المضارعة» التي نادى بها ثعلب. فما تراها تعني بالضبط؟ أتكون عاملا معنويا آخر يضاف إلى لائحة العوامل ، أم هي لا تخرج عن كونها العامل الذي قال به سيبويه ، أي مشابهة الاسم ، نظرا لأن مدلول كلمة «المضارعة» هو المشابهة؟ (١).
__________________
(١) همع الهوامع ١ / ١٦٤. لا يفوتنا أن نشير إلى أن السيوطي أورد بعد أن عدّد مختلف الأقوال في رفع المضارع رأي أبي حيّان القائل بأنه «لا فائدة لهذا الخلاف ، ولا ينشأ عنه حكم تطبيقي». وهذا يعني أن الناظر في رفع المضارع لا يحتاج إلى كل التعليلات التي ذهب إليها النحاة ، وأن منطق اللغة يفرض الرفع ما لم يسبق المضارع ما يغيّر معناه التقريري في حال الإثبات. (راجع كذلك ما جاء في المسألة ٧٤ من كتاب «الإنصاف في مسائل الخلاف».)