صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى)(١). (قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا)(٢) وقد تكون للتراخي لاستبعاد الشيء عقلا نحو : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا)(٣). (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا)(٤). وقد يكون الترتيب في درجات المدح من غير نظر إلى زمان ، نحو :
[٧٨١] إنّ من ساد ثم ساد أبوه |
|
ثم قد ساد قبل ذلك جدّه (٥) |
وترتيب هذه الزيادة في الزمان على العكس ، لكنه بدأ بأفضلها ، وهي سيادة نفسه ، ثم سيادة أبيه لأنه أخص به ، وقال الفراء (٦) : افادتها للترتيب جوازا لا وجوبا ، واستدل بقوله : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها)(٧) ومعلوم أنه جعل حواء قبل خلقنا وقوله تعالى :(وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا)(٨) أمر الملائكة بالسجود قبل خلقنا ، وأجيب عن الأول بأن المراد ثم جعل من جنس بني آدم أزواجا لهم من جنسهم لا من جنس آخر لأن الجنس إلى جنسه أميل ، وليس المراد بزوجها حواء ، وقوله : (ثم جعلنا منها) أي من جنسها ،
__________________
(١) طه ٢٠ / ٨٢ ، وتمامها : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى).
(٢) فصلت ٤١ / ٣٠ وتمامها : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ ...).
(٣) الأنعام ٦ / ١ وتمامها : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ).
(٤) النور ٢٤ / ٤ وتمامها : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً ...).
(٥) البيت من الخفيف ، وهو لأبي نواس في ديوانه ١ / ٣٥٥ ، وينظر شرح الرضي ٢ / ٣٦٧ ، ورصف المباني ٢٥٠ ، والجنى الداني ٤٢٨ ، ومغني اللبيب ١٥٩ ، وخزانة الأدب ١١ / ٣٧ ـ ٤٠ ـ ٤١ ، والدرر ٦ / ٩٣.
والتمثيل به في مجيء (ثم) لا تفيد الترتيب.
(٦) ينظر معاني القرآن للفراء ١ / ٣٩٦.
(٧) الأعراف ٦ / ١٨٩.
(٨) الأعراف ٧ / ١١ وتمامها : (اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ).