قوله : (و (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا)(١) وشبهه متأول) يعني أن ما جاء ظاهرة خلاف المطابقة تأول نحو (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا) فالذين هو المخصوص وهو جمع ، والفاعل مفرد ، وهو (مثل) وله تأويلان أحدهما :أنه على حذف مضاف مفرد تقديره : بئس مثل القوم الذي كذبوا. الثاني :أن الذين صفة للقوم والمخصوص محذوف تقديره : منهم وأراد بشبهه نحو قوله تعالى : (ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ)(٢) فإن المخصوص جمع ، وهو القوم ، والفاعل ضمير مفرد ، وتأويله على حذف مضاف تقديره : (ساء مثلا مثل القوم).
قوله : (وقد يحذف المخصوص إذا علم) حذفه على ضربين أحدهما أن يحذف كله.
كقوله : (نِعْمَ الْعَبْدُ)(٣) أي أيوب. ونعم (الْماهِدُونَ)(٤) أي نحن والثاني أن يحذف ويبقى متعلق نحو : (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ) على الوجه الأول.
قوله : ((ساء) مثل (بئس) يعني أنها تفيد الذم العام ، وأن عاملها كفاعل بئس في أقسامه ، نحو : (ساء الرجل زيدا) و (ساء رجلا زيد) قال
__________________
(١) الجمعة ٦٢ / ٥ وتمامها : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً ...)(وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ). قال الرضي في شرحه ٢ / ٣١٦ في تعليق على هذه الآية : (إن التمييز محذوف أي بئس مثلا مثل القوم والأولى حذف المضاف من الذين على أنه المخصوص ، أي بئس مثل القوم مثل الذين ، أو حذف المخصوص أي بئس مثل القوم المكذبين مثلهم ، وقد يجيء عند المبرد وأبي علي بعد الفاعل الظاهر تمييز للتأكيد ...).
(٢) الأعراف ٧ / ١٧٧ : ((ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ).)
(٣) ص ٣٨ / ٤٤ وتمامها : (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ).
(٤) الذاريات ٥١ / ٤٨ وتمامها : (وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ).