إلى المخصوص حين يجعل مبتدأ ، وعند المصنف وجماعة من النحاة أنها للعهد ، ثم اختلفوا ، فقال المصنف : (١) إنها للعهد الذهني كأنك تريد المعهود في الأذهان ، وهو الكامل كل الكمال (٢) ، والخسيس غاية الخساسة ، وقال بعضهم : هي للعهد اللفظي كأنك قلت : زيد نعم هو ، ورد بأن شرط العهد اللفظي التقدم لفظا نحو : (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً ، فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ)(٣) واستدلوا جميعا على العهدية بوجود المطابقة تثنية وجمعا ولو كانت للجنس لم تثن ولا تجمع لأنه يدخل فيه القليل والكثير وبأنها إن كانت للجنس أفادت الاستغراق ، وكان يصح وصفه بالجمع.
فنقول : (نعم الرجل الكرام زيد) وردّ بأن الجنس قد لا يستغرق نحو :(وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ)(٤) و (فاشتر اللحم السمين والبر النظيف).
الحالة الثالثة قوله : (أو [مضمرا](٥) مميزا بنكرة منصوبة) يعني أن يكون الفاعل مضمرا (٦) مستترا فيجب تمييزه بنكرة منصوبة مطابقة للمخصوص إفرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا وتأنيثا نحو : (نعم رجلا زيد) ،
__________________
(١) ينظر شرح المصنف ١١٦ ، وشرح الرضي ٢ / ٣١٢.
(٢) ومن أمثلتها حديث : (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) ، ينظر شرح الحديث في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني ١ / ٦٩.
(٣) المزمل ٧٣ / ١٥ ، وتمامها : (إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما ...).
(٤) يوسف ١٢ / ١٣ ، وتمامها : (قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ).
(٥) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.
(٦) قال الرضي في شرحه ٢ / ٣١٥ : (اعلم أن الضمير المبهم في نعم وبئس على الأظهر الأغلب لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث اتفاقا بين أصل المضمرين لعلتين ، إحداهما : عدم تصرف نعم وبئس فلم يقولوا نعما رجلين ونعموا رجالا ، ... والعلة الثانية : أن الضمير المفرد المذكر أشد إبهاما من غيره لأنك لا تستفيد منه إذا لم يتقدمه ما يعود عليه إلا معنى شيء وجمعته وأنثته لتخصص بسبب إفادة معنى التثنية والجمع والتأنيث ... والقصد بهذا الضمير الإبهام فما كان أوغل فيه كان أولى.