فعل الأمر نحو : (ليقع زيد) ، وهي جازمة للفعل ، وإنما كسرت حملا على لام الجر لاختصاصها بالأفعال ، ولام الجر بالأسماء ، وقيل : أصلها السكون حملا على عملها كما قيل في لام الجر ، وخرجت بالكسر لتعذر الابتداء بساكن ، فإن دخلت عليها (الواو) و (الفاء) و (لم) ، نحو : (وَلْيُوفُوا)(١) جاز تسكينها للتخفيف ، لأنها تنزل منزلة الجزء من الكلمة ، فصارت كـ (كيف) وإبقاؤها على ما كانت عليه ، واستضعف بعضهم التسكين مع (لم) ، لأنها كلمة مستقلة يصح الوقف عليها ، وهي تدخل فيما لم يسم فاعله كائنا ما كان ، تقول : (لأضرب لتضرب ليضرب زيد) ، وأما الذي سمي فاعله فيدخل في الغائب بلا خلاف نحو : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ)(٢) ، ولا يدخل في المتكلم ، لأن الإنسان لا يأمر نفسه لا باللام ولا بغيرها ، لأنه يفهم الفائدة من الأمر فلا يحتاج إليه ، كما لا يحتاج إلى حديث نفسه ، بما يخطر بباله وقد جاء الأمر له قليل باللام ، نحو : (وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ)(٣) وقوله : «قوموا فلأصل لكم» (٤) وأما المخاطب فالقياس دخولها ، إلا أنهم استغنوا عنها بصيغة الأمر ، لأنها أخف ، وأمر المخاطب أكثر ، وقد جاء أمر المخاطب قوله : (فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا)(٥) شاذا ، وقوله :
__________________
(١) الحج ٢٢ / ٢٩ وتمامها : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ.)
(٢) الطلاق ٦٥ / ٧ وتمامها : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ .....)
(٣) العنكبوت ٢٩ / ١٢ وتمامها : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ).
(٤) الحديث بهذا اللفظ أخرجه البخاري في باب الصلاة على الحصير من كتاب الصلاة ١ / ١٠٠ ، وأبو داوود في كتاب الصلاة ١ / ١٦٦.
(٥) يونس ١٠ / ٥٨ ، وتمامها : (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ،) قال أبو حيان في البحر المحيط ٥ / ١٧٠ : (وقرأ عثمان ، وأبيّ وأنس والحسن وأبور رجاء وابن هرمز وابن سيرين وأبو جعفر المدني ، والسلمي ، وقتادة ، والجحدري ، وهلال ابن يساف ، والأعمش وعمرو بن قائد ، والعباس بن الفضل الأنصاري فلتفرحوا بالتاء على الخطاب ، وفيها (تجمعون) بالتاء ، وهي قراءة جماعة من السلف كثيرة ، والجمهور بالياء على أمر الغائب ، وينظر البحر المحيط ٥ / ١٧٠ ، ومعاني القرآن للفراء ١ / ٤٦٩ ، وإعراب القرآن للنحاس ٢ / ٢٥٩ ، والنشر ٢ / ٢٨٥ ،