فالجمهور قالوا : لا بد من تقدير زمان مضاف ، لأنهما لازمتان لظروف الزمان فتقول : (مذ زمن خلق الله له) و (مذ زمن خلقه الله) و (مذ زمن أن الله خلقه) (١) ، والزمان يقدر قبل المصدر والجملة التي في معناه كثيرا ، نحو :(جئت قدوم الحاج) وقال بعضهم لا يقدر زمان ، وأجاز دخولهما على غير الزمان إذا لم يكن مكانا ، نص على ذلك الفارسي ، وهو ظاهر في قول سيبويه (٢).
قوله : (وهو مبتدأ ما بعده خبره) (٣) يعني (مذ) و (منذ) لا الزمن المضاف وكان الأحسن أن يقول : و (هما) (٤) في إعرابهما أقوال : (٥) الأول :للفارسي (٦) وابن السراج (٧) والمصنف (٨) وأكثر البصريين (٩) أنهما مبتدآن ، وما بعدهما الخبر ، وجاز الابتداء بهما لكونهما في تأويل الإضافة
__________________
(١) ينظر شرح التسهيل لابن مالك السفر الأول ٢ / ٨٣٩ ، ثم قال : (والصحيح عندي أنهما مضافان إلى جملة حذف صدرها ، والتقدير : مذ كان يوم الجمعة ، ومنذ كان يومان ، وهو قول المحققين من الكوفيين ، وإنما اخترته لأن فيه إجراء (مذ) و (منذ) في الاسمية على طريقة واحدة مع صحة المعنى ، فهو أولى من اختلاف الاستعمال وفيه تخلص من ابتداء بنكرة بلا مسوغ إن ادّعي التنكير ، ومن تعريف غير معتاد إن ادّعي التعريف ، وفيه أيضا تخلص من جعل جملتين في حكم جملة واحدة من غير رابط ظاهر ولا مقدر ...).
(٢) ينظر الكتاب ٣ / ١١٧.
(٣) في الكافية المحققة العبارة مختلفة بعض الشيء (وهو مبتدأ وخبره بعده خلافا للزجاج).
(٤) أي الأحسن أن يقول ابن الحاجب : (وهما مبتدأ وخبره ...) هذا ما يريده الشارح والله أعلم.
(٥) ينظر الجنى الداني ٥٠١ ـ ٥٠٢.
(٦) ينظر المقتصد في شرح الإيضاح ٢ / ٨٥٥.
(٧) ينظر الأصول في النحو ٢ / ١٣٧ ، وهمع الهوامع ٣ / ٢٢٣.
(٨) ينظر شرح المنصف ٨٢.
(٩) ينظر رأي البصريين في الإنصاف ١ / ٣٨٢ وما بعدها ، ومغني اللبيب ٤٤٢ ، والجنى الداني ٥٠٢.