و (إذا) وردّ بأن (من) لا تدخل على (إذا). واختلف في علة بنائهما ، فقيل :حملا لهما على الحرفيتين ، وقيل : لأن (مذ) على حرفين ، وحملت (منذ) عليها ، وقيل : لأن أصلها التركيب من مبني ، واختلف في عملهما (١) ، حكي أن الحجازيين يجرّون بهما مطلقا ، والتميميين يرفعون بهما مطلقا (٢) ، وجمهور العرب إن استعملوا (مذ) و (منذ) الحجازيتين جروا بهما مطلقا في الحاضر ، واختلفوا في الجر بهما في الماضي ، ولا يستعملان في المستقبل لا تقول : (لن أراه ولا سوف أراه منذ يوم الجمعة) [و ٩٣] وهما على كلام الجمهور أسمان ، إن رفع بهما مطلقا ، وحرفان إن جرّ بهما ، وقيل : هما اسمان على كل حال ، والجر بهما على الإضافة.
قوله : (بمعنى أول المدة) يعني أن (مذ) و (منذ) الاسميتين لهما معنيان أحدهما : بمعنى أول المدة ، وهو ما صلح جوابا لـ (متى) وشرطه أن يليهما (٣) المفرد المعرفة.
قوله : (فيليها (٤) المفرد المعرفة) مثبتا كان الفعل الذي قبلهما أو منفيا ، (صحبته منذ يوم الجمعة) ، و (ما رأيته منذ يوم الجمعة) ، ومراده بالمفرد غير المثنى والمجموع (٥) ، وإنما اشترط ذلك لأنه للتحديد ، والمفرد فيه كاف ، ولو جئت به مثنى أو مجموعا لم يكن الأول إلا لأحدهما ، وإنما كان معرفة
__________________
(١) ينظر شرح الرضي ٢ / ١١٨ ، وقال : (وقال الأخفش (منذ) لغة أهل الحجاز ، وأما (مذ) فلغة تميم وغيرهم ويشاركهم فيه أهل الحجاز).
(٢) ينظر الرضي ٢ / ١١٨ ، وهذه العبارة منقولة عنه دون عزو له.
(٣) في الأصل (يليها) ولا تستقيم.
(٤) في الكافية المحققة (فيليهما) بدل فيليها.
(٥) ينظر شرح المصنف ٨١.