الأرباب؛ وذلك ذنب
يوجب العقاب.
لكنك الخبير بأن لا ملازمة بين البكاء
والسخط ، فكم باكٍ ممّن يهواه ومن أمر يرضاه ، كالألم المترتّب على العلاج المقصود
إليه؟
وقد يبكىٰ علىٰ مقتول بحقّ
بدافع الطبيعة الإنسانية والحنان الغريزيّ كالمقتولين بأسياف الباكين في يوم
النهروان ، فأصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام يعتقدون أن قتلهم بحقّ ، ومع ذلك
بدافع الطبيعة والإلفة بكوا عليهم. بل البغضاء والعداوة لا يمنعان الطبيعة والفطرة
عن الرقّة للطبيعة. ومن ذلك بكاء اللعين ابن سعد العدو المبين لآل الرسول ، في يوم
الطف بعد قتل الحسين عليه السلام وأصحابه ، وهجوم القوم الطغام علىٰ خيامهم
لسلبهم ، وفرارهم من خيمة إلىٰ خيمة ، والقومتسلب ما عليهم من حليّ وحلل
تضرم النار في مخيّمهم ، وهن يستغثن ولا مغيث .
بكى اللعين لا سخطاً من ذلك الأمر الفظيع ، بل من باب : رقّ لها الشامت.
وكيف يجتري مجترٍ من الاُمّة الإسلامية
علىٰ رسول الله صلى الله عليه واله ، وعلىٰ صحابته كأبي بكر وعمر
وعثمان وعلي وعائشة وفاطمة واُم سلمة ، وابن عباس وأمثاله ، من حملة الكتاب وخدمة
العلم وأئمّة المذاهب ، ويقول : إنّهم بكوا سخطاً من الله ، أو إنّهم غير راضين
بقضاء الله وقدره؛ وهم الأدلاء علىٰ مرضاته؟!.
__________________