ولفظة (استمعتم) لاتعدو وجهين : إما أنْ يراد بها الانتفاع أو الالتذاذ الّذي هو أصل موضوع اللفظة ، أو العقد المؤجَّل المخصوص الّذي اقتضاه عرف الشرع. ولا يجوز أنْ يكون المراد هو الوجه الأول؛ لأمرين :
أحدهما : أنه لا خلاف بين محصِّلي من تكلم في اُصول الفقه ، في أن لفظ القرآن إذا ورد ـ وهو محتمل لأمرين : أحدهما : وضع اللغة ، والآخر : عرف الشريعة ـ فإنّه يجب حمله علىٰعرف الشريعة؛ ولهذا حملوا كلّهم لفظ : صلاة وزكاة وصيام وحجّ ، على العرف الشرعيّ دون الوضع اللغويّ.
والأمر الآخر : أنه لا خلاف في أن المهر لا يجب بالالتذاذ؛ لأن رجلاً لو وطئ امرأته ولم يلتذّض بوطئها؛ لأن نفسه عافتها ، أو كرهتها ، أو لغير ذلك من الأسباب لكان دفع المهر واجباً وإن كان الالتذاذ مرتفعاً. فعلمنا أن لفظ الاستمتاع في الآية إنما اُريد به العقد المخصوص دون غيره.
وأيضاً : فقد سبق إلى القول بإباحة ذلك جماعة معروفة الأقوال ، من الصحابة والتابعين؛ كأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وابن عبّاس ومناظرته لابن الزبير معروفة (١) ، رواها كلهم ، ونظم الشعراء فيها الأشعار ، فقال بعضهم :
__________________
(١) صحيح مسلم ٨٣٢ : ٢/ ٢٧.