أحلَّهما الله ورسوله لكم ، وأنا اُحرِّمهما عليكم واُعاقب عليهما فقبلنا شهادته ولم نقبل تحريمه (١). انتهىٰ.
والحاصل أن المشروعيّة والحلّية ثابتتان باتّفاق المسلمين. غاية الأمر دعوى النسخ ، وقد عرفت العدم؛ لأصالة عدم النسخ ، والاستصحاب بقاء المشروعية.
ومن الواضح أن الحكم القطعيَّ ، لا يرفع إلّا بدليل قطعيٍّ. والأحاديث ساقطة لا تُثبت النسخَ؛ لاضطرابها أوّلاً ، ولكونها أخبار آحاد لا تُرفع اليد بها عن نصِّ القرآن ثانياً ، وبأنّها محكومة بأخبار كثيرة أقوىٰ منها سنداً وأصرح دلالة في عدم النسخ ثالثاً. وعلىٰ تقدير التعارض والتساوي ، فمقتضى القواعد الصناعيَّة المقرَّرة في علم اُصول الفقه هو التساقط والرجوع إلى الحكم القطعيّ ـ وهو هنا الحلّيّة ـ الثابت بنصِّ القرآن ، وباتفاق المسلمين ، وباستصحاب بقائه وأصالة عدم نسخة.
ويؤكّد ما ذكرنا كلامُ بعض الأعاظم من علمائنا ، وهو محمد بن إدريس الحلّيّ ، قال في كتابه (السرائر) : (النكاح المؤجَّل مباح في شريعة الإسلام ، مأذون فيه ، مشروع بالكتاب والسنَّة المتواترة بإجماع المسلمين ، إلّا إن بعضهم ادَّعىٰ نسخة؛ فيحتاج في دعواه إلىٰ تصحيحها ، ودون ذلك خرط القتاد.
__________________
(١) محاضرات الأدباء ٢١٤ : ٣ ، باختلاف يسير.