الأذنين كناية عن القتل. وجهارا : أي : حزّا جهارا ، أو غضبا جهارا. يريد أن قيسا غضبت من أمر يسير ، ولم تغضب لأمر عظيم ، وقد أنكر منها هذا على سبيل الاستهزاء.
وقوله : أتغضب : فاعل تغضب ، ضمير قيس ، وأنّث الّفعل لأنه أراد به القبيلة ، والاستفهام للتعجب والتوبيخ ، ويجوز أن يكون فاعل «تغضب» أنت ، المستتر فيه ، هو خطاب لجرير. والإشكال في «إن» فقد رويت «إن» بكسر الهمزة ، ونون ساكنة وزعم الكوفيون أنها بمعنى إذ ، قالوا : وليست شرطية لأن الشرط مستقبل ، وهذه القصة قد مضت. وأجاب الجمهور أنها شرطية ، ويحمل المعنى على وجهين : أحدهما أن يكون على إقامة السبب مقام المسبّب ، والأصل : أتغضب إن افتخر مفتخر بسبب كذا ، إذ الافتخار بذلك يكون سببا للغضب ، ومسببا عن الحزّ. والثاني : أن يكون على معنى التبيين ، أي : أتغضب إن تبين في المستقبل أن أذني قتيبة حزتا فيما مضى وقرئت : أن : مفتوحة الهمزة ، ساكنة النون : قال الخليل والمبرد : الصواب أن أذناه ، بفتح الهمزة من «أن» أي لأنّ أذنا. وهي عند الخليل أن الناصبة ، وعند المبرد أنها «أن» المخففة من الثقيلة. [كتاب سيبويه ج ١ / ٤٧٩ ، والصبان على الأشموني ج ٤ / ٩ ، وشرح أبيات مغني اللبيب ج ١ / ١١٧ ، والمغني الشاهد رقم ٢٨ ص ٣٩].
(٤١٣) هو القين وابن القين ، لا قين مثله |
لبطح المساحي أو لجدل الأداهم |
البيت لجرير.
وقوله : الأداهم : جمع الأدهم. وهو القيد ، لسواده. وكسّروه ، تكسير الأسماء ، وإن كان في الأصل صفة ، لأنه غلب غلبة الاسم. وبطح المساحي : طرق حديد الفؤوس يريد أن يقول إنهم يعملون بالحدادة.
أقول : لو كنت يا جرير حدادا ، لاكتسبت قوتك من عمل يدك ، وحفظت ماء وجهك ، وجنبت نفسك الهوان والذل الذي جلبته لنفسك من المدح ، إنك يا جرير بهذا الهجاء أشعت في العرب كره المهنة فجعلتهم يتخلفون عن ركب المدنية آلاف السنين. ولذلك فإن هذا الهجاء يكتب في ميزان سيئاتك يوم القيامة ، لأنك ذممت الناس بما يجب أن يمدحوا به ، ولأنك قذفت الناس بما ليس فيهم ، فاستحققت الجلد ألف حدّ.
(٤١٤) لا يبرمون إذا ما الأفق جلّله |
برد الشتاء من الإمحال كالأدم |
البيت للنابغة الذبياني ، وأنشده السيوطي شاهدا على وقوع الكاف ، مفعولا به ،