والبيت من شواهد الكوفيين على إعمال «ما» النافية الحجازية إذا تكررت. وهم يوردونه على تحقيق رواية النصب في البيت.
بني غدانة ما إن أنتم ذهبا |
ولا صريفا ولكن أنتم الخزف |
وعدّوا «إن» في البيت نافية. ومن زعم أنّ «ما» إذا تكررت يبطل عملها ، جعل منفيّ «ما» الأولى محذوفا ، أي : فما ينفعك الحزن.
ويظهر أن البيت ليس فيه تكرار : فالشاعر أنشد الجزء الأول من البيت ، ثم سكت ، ثم تخيّل سائلا يقول له : ما ذا تريد أن تنفي فأجاب بإنشاد الجزء الثاني من البيت ففي الشطر الأول نفى صامتا ، ثم جهر بالنفي. فالكلام على البدلية ، والله أعلم. [الخزانة / ٤ / ١٢٠ ، والأشموني / ٣ / ٨٣ ، والهمع / ١ / ١٢٤ ، والدرر / ١ / ٩٥].
(٢٩٠) من يعن بالحمد لم ينطق بما سفه |
يحد عن سبيل المجد والكرم |
ليس للبيت قائل معروف.
وقوله : بما. الباء حرف جر. و «ما» اسم موصول. و «سفه» خبر لمبتدأ محذوف والبيت شاهد على حذف العائد الذي يربط جملة الصلة بالاسم الموصول. والتقدير هنا : بما هو سفه. [شرح التصريح / ١ / ١٤٤ ، والأشموني / ١ / ١٦٩ ، والهمع / ١ / ٩٠ ، والدرر / ١ / ٦٩].
(٢٩١) لو بأبانين جاء يخطبها |
زمّل ـ ما ـ أنف خاطب بدم |
البيت للمهلهل بن ربيعة ، من قطعة قالها حين تنقّل في القبائل بعد حرب البسوس ، حتى جاور قوما من مذحج يقال لهم «جنب» وخطبوا إليه أخته ، وكان مهرهم الأدم.
وقوله «بأبانين» مثنى «أبان» فهما جبلان الأول : أبان الأبيض ، والثاني أبان الأسود.
وقوله : «زمّل» من التزميل وهو الإخفاء واللف في الثوب. يقول : لو خطبها في بلادي لهشمت أنفه حتى كان يخفيه بالثوب. ويروى «ضرّج» بدل «زمّل».
والبيت شاهد على أن «ما» زائدة ، بين العامل والمعمول. [شرح أبيات المغنى ج ٥ /