في بغداد حسين عوني باشا مقدارا كافيا من الجنود النظامية بقيادة رئيس أركان الجيش الفريق عزت باشا فوصل إلى الكوت فعزل منصور باشا فلم يرتدع لما اجتمع عنده من كثرة العشائر. تقابل الجمعان وكان بينهما نهر اليسروفية. فعبره المنتفق وساقوا إبلهم وجعلوا خلال الإبل من يعتمدون على شجاعته من فرسانهم. التقى الفريقان. فكان ما كان ـ هرب قوم السعدون. فالمدافع أصابت الهدف ، وهربت الإبل من صوتها ورجعت العشائر فنهبت ميّاح أموال السعدون. فرجع منصور باشا مع من معه لإنقاذ أموالهم وعيالهم من العشائر التي خانت وصار الظفر لعزت باشا. ونهب الجيش غنائم كثيرة فبيعت في بغداد وصارت للخزانة. ومن ثم فرّ منصور باشا وابن أخيه فالح باشا وسائر أقاربه إلى الشامية.
ثم إن منصور باشا بعد مدة طلب العفو والأمان وجاء إلى بغداد ثم طلب إلى استنبول وعيّن في مجلس الشورى. بقي فيها مدة. وتوفي هناك.
هذا وفي المجلد الرابع من كتاب العشائر ذكرنا هذا الحادث بتفصيل بعض الجهات.
وكان قد طال النزاع من تاريخ القضاء على بابان حتى هذه الأيام. هذا ، وإن آل السعدون دامت مكانتهم واستمرت سلطتهم ، فظهر منهم رجال أكابر مثل فالح باشا وسعدون باشا وعجمي باشا وفخامة عبد المحسن السعدون وهذا الأخير ظهر بأكبر مما ظهر فيه سابقوه.
وعلى كل حال ابتدأت هذه الحوادث الأخيرة سنة ١٢٩٧ ه أيام عبد الرحمن باشا وانتهت في أواخر صيف سنة ١٢٩٨ ه أيام تقي الدين باشا. وفي الحقيقة أن بناء الناصرية من مسهلات القضاء على هذه الإمارة.