قسرا لذا عاد إلى الكرخ خوفا من حدوث شيء من هذا القبيل. وبهذه المرة أشعل هو نار الحرب. فتابعه أهل الكرخ حتى أنهم جعلوا متاريسهم إلى قرب (المولاخانة) أي (جامع الآصفية). فشوّق هؤلاء وهيجهم على محمد الكهية وضيق على خصمه تضييقا مرا.
وأن سليم أفندي كان مقيما في الدنكجية (شارع المأمون) في دار عمر باشا فنقل مكانه إلى دار عبد الله باشا قرب الميدان خوف المضايقة وفي هذه المدة اشتد الأمر بمحمد الكهية وكاد يظهر الشاوي عليه وتبينت علائم النصر. فاضطر لمكاتبة أحمد باشا آغا (رئيس كتيبة) حسن باشا والي كركوك ثم فارقه لأمر ما. وجاء إلى عبد الله باشا بأمل أن يخمده. فضرب خيامه في أنحاء بعقوبة وكانت بينه وبين محمد الكهية صحبة قديمة. فطلب معاونته فأمده وأرسل إليه مقدارا وافرا من اللوند. نصبوا خيامهم تجاه (الشيخ عمر) فأيدوا أهل الميدان.
وكذا الشاوي ألف بين النجادة والموصليين في الكرخ فاستخدمهم لتقوية الجهات الضعيفة. جمعهم في خان جغاله (خان جغان) وقام بكافة مصاريفهم فكثرت جماعته فاستعمل كل جانب ما لديه من قوة فطالت الفتنة خمسة أشهر فاختلت الأمور ولم يسلم من ضررها غني ولا فقير فكم من مثر أصبح فقيرا وكم من فقير صار غنيا وكم وكم .... حتى بلغ الضجر غاية لا تطاق. فصاروا يتضرعون بالدعاء ويلجأون إلى الله تعالى لتخليصهم من هذا البلاء (١).
وزارة حسن باشا
كان النزاع على الوزارة لا يزال قائما وكل من الكهيات طلبها لنفسه وكتب محضرا بالترشيح قدمه إلى دولته. وكذا والي كركوك حسن
__________________
(١) دوحة الوزراء ص ١٧٥.