ثم ورد الخبر إلى والي بغداد وهو برأس عين الخابور أن العرب المجمعة من عسكره وهم الجرباء والعبيد والملية والبو حمدان ، والبو سلمان أغار بعضهم على بعض من شدة الجوع ونهب القوى الضعيف وصار الكل أيدي سبا وهربوا إلى أماكنهم ولم يظهر لهم نبأ ونهبوا أموال مقدمتهم من عسكر بغداد أحد أمراء سليمان باشا ومن سلم من أتباعه قدم إلى عسكر سليمان باشا ...» اه (١)
وهذه الحروب لم تسفر عن نتيجة مشرفة ، أصابت الجيش أخطار ومهالك من كل صوب رأوا إهانة وخذلانا ، وأورثوا في الجيش نقصا وسببوا معائب في الرأي العام ...
وبهذه الحالة عاد الوزير إلى الموصل ونزل (باب الطوب) ، فبقي يومين ، وفي اليوم الثالث سار عنها.
اضطراب في الموصل :
أما آل عبد الجليل فإنهم كانوا قد اغبروا من نصب أحمد باشا متصرفا على الموصل ولكنهم تحملوه كرها ولم يبدوا معارضة سوى أنهم كانوا يترقبون الفرص للوقيعة به ... وفي هذه المرة رأوا أن الفرصة سانحة ، خصوصا أنه ظهر منه الخرق وعدم القابلية رأي العين ، وأن الوزير أيضا لم تبق له مهابة في قلوبهم فلما جاؤوا إلى الموصل اتفقوا عليهم في الخفاء فاختاروا من بينهم أسعد بك للمخاصمة وانحاز لجهتهم أكثر الأهلين فعاضدوهم.
فالوزير لم يعلم عن ذلك شيئا فلما أمر بالرحيل سمع في هذه الأثناء صوت البنادق قد ثارت وبوشر بالحرب ... وعند ذلك حاصر أسعد بك في داره وأعلن الخصام فعاد الوزير وأمر بنصب الخيام وطلب
__________________
(١) غرائب الأثر ص ٨٦ وفي الدوحة تفصيل.