فهو كافر » (١٣).
وإذا كان هناك من ينفر من كلمة الحقّ ، وتعمى عليه الحقائق ، فما باله بالشواهد وقد شهد حادثة الغدير عشرات الالوف من المسلمين ، كما تشهد بذلك الروايات الصحيحة في بطون الكتب (١٤) ، بل واخرى تنقل تهنئة الصحابة لعلي عليهالسلام بأسانيد صحاح لا تعارض (١٥).
وحقا إنّ هذا الأمر لا يخفى ، بالرغم من أنّهم لم يألوا جهدا في طمس تلك الحقائق الناصعة المشرقة ـ حتى وإن تباينت الأزمنة وتباعدت المسافات ـ ولعلّ من المفارقات التي تستوقف ذي العقل الفطن وقائع مشهورة نقلها العام والخاصّ تعرّضت للمسخ والتحريف في العديد من المصادر التاريخية والحديثية تختصّ بحديث الغدير وقضية الولاية ، فعدا ما ذهبوا اليه من تفسيرهم لآية الولاية والتبليغ وغيرها كما يشتهون ـ وجدت ان بعض المصادر التاريخية عند سردها لوقائع معينة أسقطت ما لا يوافق هواها وأثبتت ما يوافقه ، مثل مناشدته عليهالسلام لجماعة الشورى بعد إصابة عمر بن الخطّاب حيث أسقطت عبارة « فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله : من كنت مولاه فعلي مولاه .. ليبلغ الشاهد الغائب ، غيري ؟ » (١٦).
__________________
(١٣) المناقب ـ للمغازلي ـ : ٤٥ / ٦٨.
(١٤) اُنظر متن الرسالة المحقّقة وهوامشها.
(١٥) نقلت المصادر بعد سردها لحادثة الغدير قول أبي بكر وعمر بن الخطّاب لعلي عليهالسلام : بخ بخ لك يا علي لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
انظر : انساب الاشراف ١ : ٣١٥ ، ترجمة الإمام علي ٧ من تأريخ دمشق ٣ : ٨١ / ١١٢٧ ، تقسير الرازي ١٢ : ٥٠ ، وغيرها كما هو مذكور في هوامش الرسالة المحقّقة ولعلّ السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان عند ذلك هل كانت هذه التهنئة ـ ومن قبل هذه الجموع الحاشدة ـ لأمر بسيط كما يصوّره البعض ويريد أن يقنع الآخرين به ؟! لست معتقداً أن يقوله من يتأمله بإمعان.
(١٦) أثبت وجود هذا النصّ في المناشدة جملة من المؤرخين منهم : الخوارزمي في المناقب : ٢٢٢ ، المغازلي في مناقب الإمام علي عليهالسلام : ١١٢ / ١٥٥ ، ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه لنهج البلاغة ٦ : ١٦٧ ، وبالرغم من أنّهم حملوا كلمة « ولي » على غير وجهها المراد حيث أشرنا إليها سابقاً ، إلا أن لهذه العبارة في هذا المجلس دلالة خاصة لا تخفى.